حذرت إيران من أنها سترد بقوة أكبر في حال تعرضها لهجمات أميركية أو إسرائيلية جديدة. جاء ذلك في تصريح لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ردا على تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشن ضربات جديدة ضد المنشآت النووية الإيرانية.
كتب عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، على منصة “إكس” مساء الاثنين، أنه في حال تكرر العدوان، فإن رد إيران سيكون أكثر حسمًا، وبأسلوب لن يكون بالإمكان التستر عليه. كما أضاف أن التجارب السابقة أظهرت فشل الخيار العسكري في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، مؤكدًا أن الحل التفاوضي، رغم تعقيداته، قد يكون أكثر فعالية في تبديد المخاوف المتعلقة بتحويل البرنامج لأغراض غير سلمية.
ترامب يصعد من منتجع الغولف
تصريحات عراقجي جاءت ردًا على تهديدات ترامب خلال لقائه برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في منتجع تيرنبري للغولف في أسكتلندا. وقد صرح ترامب للصحفيين إن إيران ترسل “إشارات سيئة”، مضيفًا أن أي استئناف لبرنامجها النووي “سيُقضى عليه على الفور”، متابعًا “قضينا على قدراتهم النووية، وإذا استأنفوا البرنامج، فسنتحرك بأسرع مما تتخيلون.”
Iran, a nation with a rich culture originating from 7000 years of civilization, will never respond to the language of threat and intimidation. Iranians have never bowed down before any foreigners and respond only to respect.
Iran knows exactly what happened during the recent…
— Seyed Abbas Araghchi (@araghchi) July 28, 2025
الضربات السابقة وآثارها على البرنامج النووي
في يونيو/حزيران الماضي، شنت الولايات المتحدة هجمات على ثلاث منشآت نووية إيرانية، بينها منشأة فوردو، بالتزامن مع ضربات إسرائيلية ضد مواقع إيرانية. ورغم تصريحات ترامب عن “محو” البرنامج النووي الإيراني، فإن تقارير استخباراتية أميركية شككت في مدى فعالية تلك الضربات.
من جانبها، أكدت طهران أن البرنامج النووي تعرض لأضرار كبيرة لكنها نفت بشكل قاطع أي نية لإنتاج أسلحة نووية، مجددة التزامها بالاستخدام السلمي للطاقة النووية.
موقف صارم من القدرات الدفاعية
في سياق متصل، رفضت إيران الدعوات الأوروبية لإدراج برنامجها الصاروخي ونفوذها الإقليمي في أي اتفاق نووي جديد.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن بلاده لن تتفاوض بشأن إمكانياتها الدفاعية، مؤكدا أن اجتماع إسطنبول الأخير مع القوى الأوروبية اقتصر على الملف النووي ورفع العقوبات فقط.
وأضاف بقائي أن الحرب مع إسرائيل عززت من إصرار إيران على حماية ممتلكاتها الدفاعية، مشيرا إلى أن مسؤولا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيزور طهران قريبا لمناقشة ترتيبات فنية جديدة، في إطار قانون البرلمان الإيراني الذي يقيد التعاون مع الوكالة.
تهديدات متبادلة وخيارات دبلوماسية معقدة
في المقابل، تسعى الدول الغربية، وعلى رأسها فرنسا، إلى التوصل لاتفاق شامل يضمن عدم سعي إيران سرا لامتلاك سلاح نووي. كما صرح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لقناة “سي بي إس” إن العودة للمسار الدبلوماسي تبقى خيارا ممكنا إذا تعاونت طهران مع المجتمع الدولي.
لكن إيران هددت بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية إذا أعادت الترويكا الأوروبية (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) فرض العقوبات الأممية من خلال “آلية الزناد”.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن زعماء أوروبا، بمن فيهم رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، اتفقوا على إعادة فرض العقوبات بحلول نهاية أغسطس/آب المقبل، ما لم تظهر إيران تعاونًا ملموسًا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في ختام هذا التصعيد المتبادل، يتضح أن الملف النووي الإيراني لا يزال يمثل محور توتر إقليمي ودولي متزايد. وبينما تلوح طهران بردود أكثر حدة وتتمسك بمواقفها الدفاعية، تصر القوى الغربية على ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط جديدة. ومع اقتراب مهلة إعادة فرض العقوبات في أغسطس، تظل الخيارات مفتوحة بين التصعيد العسكري أو إحياء المسار الدبلوماسي، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات حقيقية تضمن الأمن والاستقرار في المنطقة.