في اجتماع داخلي استمر لساعة كاملة، أكد الرئيس التنفيذي لشركة آبل، تيم كوك، أن التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية. جاء هذا التصريح وفقًا لتقرير مارك غورمان من وكالة بلومبيرج، الذي أشار إلى أن كوك خاطب الموظفين قائلًا “يجب على آبل أن تحقق هذا. آبل ستقوم بذلك. هذا هو وقتنا”.
تعكس هذه التصريحات إدراكًا داخليًا بأن مجال الذكاء الاصطناعي يمثل التحول التقني الأهم في هذا العقد، وأن آبل يجب أن تكون في طليعة هذا السباق، ليس فقط كمنافس، بل كقائد في تقديم حلول متكاملة وآمنة للمستخدم.
زيادة استثمارات آبل في الذكاء الاصطناعي
تصريحات كوك جاءت بعد مكالمة الأرباح الأخيرة مع المستثمرين، حيث أعلن أن الشركة ستقوم بزيادة استثماراتها في تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير. وأوضح أن هذا التوجه يمثل أولوية قصوى لمستقبل الشركة، مؤكدًا أن آبل تخطط لتعزيز قدراتها بشكل ملحوظ في هذا المجال.
ولم تقتصر هذه الخطط على التصريحات فقط، بل بدأت آبل بتنفيذ تحول فعلي في استراتيجيتها المالية. إذ أشارت تقارير صحفية إلى أن الشركة استحوذت خلال عام ٢٠٢٥ على أكثر من ست شركات ناشئة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، كما أبدت انفتاحًا غير معتاد على إبرام صفقات استحواذ كبيرة مثل التفاوض المحتمل مع شركة Perplexity AI.
كما أشار المدير المالي للشركة إلى أن الإنفاق على البنية التحتية، بما في ذلك مراكز البيانات، سيشهد توسعًا تدريجيًا، مما يعزز قدرة آبل على تشغيل نماذج ذكاء اصطناعي أكثر تقدمًا على أجهزتها دون التضحية بخصوصية المستخدم.
اعتراف بالتأخر أمام المنافسين
ورغم إطلاق مجموعة من الميزات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي خلال العام الماضي تحت مظلة “Apple Intelligence”، فإن التحديثات المنتظرة لمساعد سيري الصوتي لم تصل بعد، مما أثار تساؤلات حول مدى تقدم آبل مقارنة بمنافسيها مثل مايكروسوفت وجوجل.
وقد اعترف كوك بهذا التأخر، مؤكدًا أن آبل لم تكن في العادة أول من يدخل الأسواق، لكنه ذكر الموظفين بأن الشركة لطالما قدمت النسخ “الأفضل” من المنتجات، وليست الأولى فقط. وقال “كان هناك حاسوب شخصي قبل الماك، وهاتف ذكي قبل الآيفون، وجهاز لوحي قبل الآيباد، وحتى مشغل MP3 قبل الآيبود… لكننا صنعنا النسخ الحديثة من هذه المنتجات”.
وقد كشفت مصادر داخلية أن فريق تطوير سيري يعمل حاليًا على تغيير جذري في بنية المساعد الصوتي، وذلك بعد اختبار غير ناجح لمزيج من النظام الحالي ونموذج لغوي كبير. ووفقًا لكريغ فيدريغي، رئيس هندسة البرمجيات، فإن الفريق الآن يبني سيري من الصفر اعتمادًا على نموذج أكثر تقدمًا سيتم إطلاقه تدريجيًا بدءًا من 2026.
آبل تراهن على تقديم تجربة “أفضل لا أول”
تعكس تصريحات كوك الفلسفة الأساسية التي تبنتها آبل على مدار عقود، وهي عدم التسرع في إطلاق تقنيات جديدة، بل الانتظار لتقديم نسخة محسنة تتفوق من حيث الأداء والتصميم والتجربة الكاملة. ويبدو أن آبل تراهن على تكرار هذا النهج مع الذكاء الاصطناعي.
وقد وصف كوك الذكاء الاصطناعي بأنه “ابتكار بحجم الإنترنت والهواتف الذكية”، مؤكدًا أن الفرصة ما زالت متاحة أمام آبل لتكون في المقدمة، إذا ما تم توظيف قوتها في الخصوصية والتكامل بين العتاد والبرمجيات.