في ظل استمرار الحصار العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من 22 شهرًا، أعلنت كندا عن تنفيذ أول عملية إسقاط جوي لمساعدات إنسانية في القطاع، مؤكدة في الوقت نفسه أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي من خلال قيودها على دخول المساعدات.
أول عملية إسقاط جوي لكندا باستخدام طائراتها
ذكرت الحكومة الكندية، في بيان رسمي، أن القوات المسلحة استخدمت طائرة CC-130J Hercules لإسقاط نحو 21,600 رطل من المساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة، بالتنسيق مع وزارة الشؤون العالمية الكندية. كما نقلت هيئة الإذاعة الكندية (CBC) أن هذه العملية تُعد الأولى من نوعها التي تنفذها كندا باستخدام طائرتها الخاصة لإيصال مساعدات إنسانية إلى غزة، في ظل صعوبات لوجستية متزايدة تواجهها منظمات الإغاثة.
كما أشار البيان، فإن هذه الشحنة تأتي ضمن سلسلة من المساعدات الإنسانية التي قدمتها كندا مؤخرًا. فمنذ أكتوبر 2023، خصصت أوتاوا أكثر من 355 مليون دولار كندي لدعم الشعب الفلسطيني. وتشمل هذه المساعدات تمويل منظمات الإغاثة الدولية، إضافة إلى دعم مالي مباشر للسلطة الفلسطينية. كذلك، تضمنت المبالغ المخصصة مساهمات في برامج الإصلاح الإداري والحوكمة، مما يعكس التزام كندا المستمر بتقديم دعم شامل يتجاوز الإغاثة الطارئة نحو تعزيز الاستقرار طويل الأمد.
كندا ضمن تحالف دولي لإغاثة سكان غزة
أكد الجيش الإسرائيلي أن عملية الإسقاط الجوي تضمنت 120 حزمة مساعدات غذائية، شاركت في تقديمها ست دول هي: كندا، الأردن، الإمارات، مصر، ألمانيا، وبلجيكا. ويأتي هذا التحرك الدولي في وقت تشهد فيه غزة تدهورًا إنسانيًا متسارعًا. إذ تتصاعد معدلات الجوع يومًا بعد يوم، وسط تحذيرات من وقوع كارثة إنسانية واسعة النطاق. ومن ثم، تُعد هذه الجهود محاولة عاجلة للتخفيف من معاناة المدنيين في ظل استمرار الحصار والقيود المفروضة على دخول المساعدات.
خطط للاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة
في خطوة سياسية تصعيدية، أعلنت كندا الأسبوع الماضي أنها تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، وذلك ضمن شروط تشمل تنظيم انتخابات فلسطينية نزيهة في 2026، مع استبعاد حماس، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وتفكيك البنية المسلحة للفصائل.
كندا تنتقد القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات
قالت الحكومة الكندية إن القيود التي تفرضها إسرائيل على المعابر والطرق “تشكل عائقًا حقيقيًا أمام جهود الوكالات الإنسانية”، مضيفة أن “هذه العرقلة تمثل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي ويجب أن تتوقف فورًا”. كما وصفت كندا الممارسات الإسرائيلية بأنها غير مبررة وغير إنسانية في ظل الجوع المتزايد في غزة.
ورفضت السفارة الإسرائيلية في أوتاوا التعليق على الاتهامات. فيما تواصل إسرائيل نفي انتهاكها للقانون الدولي، محملة حركة حماس مسؤولية الأزمة الإنسانية في غزة.
تضارب في الروايات حول سرقة المساعدات
وفي سياق متصل، زعم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن حماس تقوم بسرقة المساعدات الغذائية وبيعها، لكن تقريرًا داخليًا للحكومة الأميركية، نقلته وكالة رويترز، نفى وجود أدلة على سرقة منهجية للمساعدات الممولة من الولايات المتحدة.
إسرائيل: تسهيلات محدودة لوصول المساعدات
رغم الاتهامات، تقول الحكومة الإسرائيلية إنها تتخذ خطوات للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، من بينها وقف القتال مؤقتًا في بعض المناطق، والسماح بعمليات الإسقاط الجوي، وتحديد طرق آمنة لقوافل الإغاثة.
في النهاية، تعكس التحركات الكندية الأخيرة تصاعد القلق الدولي إزاء الأوضاع الإنسانية الكارثية في غزة. وبينما تحاول بعض الدول التدخل عبر الدعم الجوي والضغط السياسي، لا تزال القيود الإسرائيلية تمثل تحديًا رئيسيًا أمام إيصال المساعدات. ومع اقتراب موعد اجتماع الأمم المتحدة في سبتمبر، من المتوقع أن تزداد حدة المواقف الدبلوماسية. وبالتالي، فإن مستقبل غزة الإنساني والسياسي بات مرتبطًا بشكل مباشر بخيارات المجتمع الدولي، وقدرته على إنهاء الحصار وضمان وصول الإغاثة للمدنيين دون عوائق.