انضمت الجزائر رسميًا إلى نظام الدفع والتسوية الأفريقي الموحد (بابس – PAPSS)، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز حضورها الاقتصادي داخل القارة الأفريقية، ودعم التجارة البينية، وتحقيق استقلالية مالية عن النظام المالي الغربي. هذا الانضمام يجعل الجزائر ضمن أكثر من 15 دولة أفريقية، موزعة على 4 مناطق، اعتمدت هذه المنصة لتسوية المعاملات التجارية بالعملات المحلية، ضمن شبكة تضم أكثر من 115 بنكًا تجاريًا و10 بنوك مركزية.
أهمية النظام ودوره في القارة
أطلق نظام الدفع الأفريقي الموحد عام 2022 بمبادرة من البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي، ليكون أداة مالية أساسية لتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية. من خلاله، يمكن للدول الأعضاء تسوية معاملاتها بالعملات المحلية بدلًا من الدولار أو اليورو، ما يعزز السيادة المالية ويسرع تنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة.
دوافع الجزائر للانضمام
تسعى الجزائر من خلال انضمامها إلى نظام الدفع الأفريقي الموحد إلى فتح مسارات جديدة للتبادل التجاري مع الدول الأفريقية، مما يعزز حضورها في أسواق القارة. كما تعمل على تسهيل حركة رؤوس الأموال وتقليص تكاليف التحويلات، وهو ما يدعم خططها في تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على النفط.
📣 Big news! 𝗔𝗹𝗴𝗲𝗿𝗶𝗮 🇩🇿 has joined the hashtag#𝗣𝗔𝗣𝗦𝗦 𝗻𝗲𝘁𝘄𝗼𝗿𝗸!
We are thrilled to welcome Bank of Algeria بنك الجزائر to the PAPSS network, reinforcing Algeria’s commitment to strengthening financial integration and economic collaboration across the continent.… pic.twitter.com/2iO61lThVt
— Pan-African Payment And Settlement System – PAPSS (@papss_africa) July 31, 2025
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي هواوي تيغرسي أن استخدام العملات المحلية، ومنها الدينار الجزائري، سيساهم في تحقيق تسويات أسرع وأقل تكلفة، مما يرفع كفاءة التبادلات التجارية ويزيد من مرونتها.
الانفتاح على السوق الأفريقية
الانضمام يتماشى مع جهود الجزائر لتفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية، حيث لا تتجاوز التجارة البينية بين دول أفريقيا 15% من إجمالي التبادل التجاري. كما يرى الخبير جمال الدين نوفل شرياف أن هذه الخطوة ستعزز وجود البنوك الجزائرية إقليميًا، وتدعم التكامل الاقتصادي بين دول الجنوب. كما ستسهل دخول المستثمرين للأسواق الأفريقية بفضل الاعتماد على العملات المحلية.
التحديات أمام التنفيذ
رغم المكاسب المتوقعة، يواجه النظام عدة تحديات مهمة. إذ يتمثل أبرزها في الفارق الكبير بين سعر الصرف في السوق الرسمية والموازية، مما قد يؤثر على استقرار المعاملات. كما تبرز ضرورة انضمام عدد أكبر من الدول الأفريقية لضمان فعالية النظام وتوسيع نطاقه. إضافة إلى ذلك، هناك حاجة ملحّة لتطوير البنية التحتية المصرفية والأنظمة الإلكترونية، بما يضمن سرعة وأمان عمليات الدفع والتسوية.
كما أكد البروفيسور فارس هباش أن نجاح التجربة مرهون بتهيئة البنية التحتية المصرفية، وتدريب الكوادر، ومراجعة التشريعات، خاصة أن النظام يعتمد على تسوية فورية أو شبه فورية للمدفوعات.
مكاسب اقتصادية متوقعة
تشير التقديرات إلى أن هذه الآلية قد تخفض تكاليف المعاملات من 10%–30% إلى نحو 1% فقط، ما يوفر نحو 5 مليارات دولار سنويًا لدول القارة. لكن هذه المكاسب تظل مشروطة بالتطبيق العملي للنظام، واستجابة الفاعلين الاقتصاديين للتعامل به.
في النهاية، يمثل انضمام الجزائر إلى نظام الدفع الأفريقي الموحد خطوة استراتيجية نحو تعزيز التكامل الاقتصادي بالقارة، وفتح آفاق أوسع للتجارة البينية، ودعم السيادة المالية الأفريقية. ومع ذلك، يظل نجاح التجربة رهينًا بقدرة الجزائر وشركائها على تجاوز التحديات التقنية والتشريعية، وضمان تفعيل حقيقي وفعّال لهذا النظام.