شهدت مدينة غزة، مساء الإثنين، أعنف قصف منذ أسابيع، وذلك بعد ساعات من تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه أمر الجيش بتسريع خططه لتنفيذ هجوم موسع على المدينة، بهدف السيطرة عليها “بأسرع وقت ممكن”.
استهداف أحياء شرقية وتشريد الآلاف
شهود عيان أفادوا بأن الدبابات والطائرات الإسرائيلية قصفت بشكل مكثف أحياء صبرا والزيتون والشجاعية، ما دفع مئات العائلات للنزوح غربًا. وقد وصف بعض سكان المدينة الليلة بأنها “الأعنف منذ أسابيع”، وسط مخاوف من استعداد الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملية أعمق داخل المدينة، التي تؤوي نحو مليون نازح وفق حركة حماس.
استدعاء مئات آلاف الجنود
تقارير إعلامية أكدت أن إسرائيل بصدد استدعاء أكثر من 430 ألف عنصر احتياط لاستكمال السيطرة على القطاع خلال أسابيع، ضمن خطة تشمل فرض إدارة مدنية غير فلسطينية، وتوسيع العمليات لتشمل الساحل الأوسط ومخيمات اللاجئين.
استهداف صحفيين في مجمع الشفاء
في ضربة جوية على مستشفى الشفاء، قُتل ستة صحفيين، بينهم مراسل قناة الجزيرة البارز أنس الشريف. كما أكدت وزارة الصحة في غزة أن من بين الضحايا المصور المستقل محمد الخالدي.
الجيش الإسرائيلي أقر باستهداف الشريف، مدعيًا أنه كان يقود خلية تابعة لحماس، وهو ما نفته قناة الجزيرة، كما نفى الشريف سابقًا أي صلة له بالحركة. من جهتها، اعتبرت حماس أن اغتيال الصحفيين يهدف إلى “تمهيد الطريق لارتكاب جريمة كبرى في غزة”.
رسالة وداع قبل الاستشهاد
قبل ساعات من مقتله، نشر أنس الشريف مقطع فيديو دعا فيه العالم إلى “عدم نسيان غزة”. كما وثقت رسالة كتبها في مايو الماضي استشعاره لخطر اغتياله، مؤكدًا التزامه بالحقيقة، وداعيًا للعناية بأطفاله شام وسلّاح.
نتنياهو: هدفنا السيطرة على غزة سريعًا
كما أعلن نتنياهو أنه أمر الجيش الإسرائيلي بتسريع خططه للسيطرة على مدينة غزة، واصفًا إياها بـ”عاصمة الإرهاب” لحماس، مشيرًا أيضًا إلى أن المرحلة التالية قد تشمل الساحل الأوسط للقطاع.
ردود فعل دولية وتحذيرات
الخطة الإسرائيلية لتوسيع العمليات العسكرية أثارت قلقًا دوليًا. ألمانيا أعلنت وقف تصدير المعدات العسكرية التي قد تُستخدم في غزة، بينما دعت بريطانيا وعدة دول أوروبية إسرائيل إلى إعادة النظر في قرار التصعيد. كما قوبل اغتيال الصحفيين بإدانات واسعة من منظمات حقوقية ولجان حماية الصحفيين، التي وصفته بأنه “الهجوم الأعنف على الإعلاميين منذ اندلاع الحرب”.
السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، انتقد ما وصفه بضغط بعض الدول على إسرائيل بدلًا من حماس، مؤكدًا أن الحرب اندلعت بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر 251 آخرين، وفق الإحصاءات الإسرائيلية.
أزمة إنسانية متفاقمة
وزارة الصحة في غزة أكدت أن حصيلة القتلى منذ بداية الحرب تجاوزت 61 ألف شخص، وسط تحذيرات أممية من تحول الأزمة إلى “جوع خالص” مع وفاة أكثر من 98 طفلًا بسبب سوء التغذية. كما شهدت مناطق عدة سقوط عشرات المدنيين أثناء انتظارهم المساعدات، في ظل دمار واسع ونزوح متكرر.
التطورات الأخيرة في غزة تكشف عن مرحلة جديدة أكثر عنفًا في الصراع، مع تصعيد عسكري واسع النطاق يرافقه تدهور خطير في الوضع الإنساني. وبينما تتسارع الأحداث على الأرض، يزداد القلق الدولي من تداعيات الهجوم الإسرائيلي على المدنيين والبنية التحتية، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة. وفي ظل استمرار القصف وتشريد السكان، تظل آفاق التهدئة بعيدة، فيما يدفع الأبرياء الثمن الأكبر لهذا النزاع الممتد.