شهدت مدينة غزة الليلة الماضية قصفًا إسرائيليًا عنيفًا من الطائرات والدبابات، أسفر عن مقتل 11 شخصًا على الأقل، وفقًا لشهود ومصادر طبية. ويأتي ذلك قبل وصول القيادي في حركة حماس، خليل الحية، إلى القاهرة لإجراء محادثات تهدف إلى إحياء خطة وقف إطلاق النار المدعومة من الولايات المتحدة.
فشل المحادثات السابقة وتصعيد عسكري
انتهت آخر جولة من المفاوضات غير المباشرة في قطر أواخر يوليو دون إحراز تقدم، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بشأن تعثر خطة هدنة مدتها 60 يومًا تتضمن تبادلًا للأسرى. منذ ذلك الحين، أعلنت إسرائيل نيتها شن عملية عسكرية جديدة للسيطرة على غزة، رغم أنها كانت قد سيطرت عليها في بداية الحرب في أكتوبر 2023 ثم انسحبت، ما سمح للمقاتلين الفلسطينيين بإعادة تنظيم صفوفهم وشن هجمات بأسلوب حرب العصابات.
مخاوف داخلية وانتقادات دولية
خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتوسيع السيطرة العسكرية على غزة، والمتوقع إطلاقها في أكتوبر المقبل، أثارت انتقادات واسعة دوليًا وداخليًا. وحذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي من أن هذه الخطوة قد تعرض حياة الأسرى للخطر وتشكل فخًا للقوات الإسرائيلية.
كما حذر خبراء إنسانيون من أن العملية قد تؤدي إلى نزوح إضافي ومعاناة أكبر لما يقارب مليون فلسطيني في محيط غزة، وسط أزمة جوع خانقة ونقص حاد في المأوى والموارد الأساسية.
ضحايا القصف في الشمال والجنوب
أفادت المصادر الطبية أن القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط غزة أسفر عن مقتل سبعة أشخاص في منزلين، وأربعة آخرين في مبنى سكني وسط المدينة. وفي خان يونس جنوب القطاع، قُتل خمسة أشخاص، بينهم زوجان وطفلهما، جراء غارة إسرائيلية على منزل، بينما أسفر قصف آخر على مخيم مؤقت في منطقة المواصي الساحلية عن مقتل أربعة آخرين.
الأزمة الإنسانية تتفاقم
قالت وزارة الصحة في غزة إن خمسة أشخاص إضافيين، بينهم طفلان، لقوا حتفهم خلال 24 ساعة بسبب الجوع وسوء التغذية، ليرتفع عدد الوفيات الناجمة عن هذه الأسباب إلى 227 شخصًا، بينهم 103 أطفال، منذ بداية الحرب. وتنفي إسرائيل صحة أرقام الوفيات الناتجة عن سوء التغذية الصادرة عن الوزارة في القطاع.
خلفية الصراع وتعقيدات المفاوضات
بدأت الحرب في 7 أكتوبر 2023 عندما شنت حركة حماس هجومًا مفاجئًا على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل 1,200 شخص وأسر 251 آخرين، وفق الأرقام الإسرائيلية. ومنذ ذلك الحين، أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 61,000 فلسطيني وتدمير واسع للبنية التحتية في القطاع. وقد أكد مسؤول فلسطيني استعداد حماس للعودة إلى طاولة المفاوضات، لكن الخلافات ما تزال قائمة حول قضايا رئيسية مثل مدى الانسحاب العسكري الإسرائيلي ومطلب نزع سلاح حماس، وهو ما ترفضه الحركة قبل قيام دولة فلسطينية.
وقال دبلوماسي عربي إن وسطاء مصر وقطر ما زالوا يحاولون إنعاش المفاوضات، مشيرًا إلى أن إعلان إسرائيل عن خطة هجوم جديدة على غزة قد يكون جزءًا من الضغط لإعادة حماس إلى المباحثات.
مستقبل المفاوضات بين التصعيد والأمل
رغم استمرار القصف وتصاعد المعاناة الإنسانية في غزة، تبقى المفاوضات في القاهرة بارقة أمل لإنهاء دوامة العنف. لكن الهوة العميقة بين مطالب الطرفين، والضغوط السياسية والعسكرية، تجعل الوصول إلى اتفاق شامل أمرًا معقدًا. ومع تمسك كل طرف بمواقفه، يظل مصير وقف إطلاق النار مرهونًا بقدرة الوسطاء على إيجاد صيغة تحفظ الأرواح وتفتح الطريق أمام حل سياسي يوقف نزيف الدم ويضع حدًا للأزمة المتفاقمة في القطاع.