سجلت عملة بيتكوين، أكبر الأصول الرقمية في العالم من حيث القيمة السوقية، مستوى قياسيًا جديدًا اليوم الخميس، متجاوزة حاجز 124,002 دولار خلال التعاملات المبكرة في آسيا، لتكسر ذروتها السابقة المسجلة في يوليو الماضي. كما صعدت إيثريوم إلى 4,780 دولار، وهو أعلى مستوى لها منذ أواخر 2021.
عوامل تدعم الصعود
تحظى موجة الصعود الأخيرة بدعم من عدة عوامل متشابكة. فمن جهة، تعزز توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي شهية المستثمرين نحو الأصول عالية المخاطر. ومن جهة أخرى، يواصل الشراء المؤسسي من صناديق الاستثمار الكبرى دفع الطلب على بيتكوين لمستويات غير مسبوقة. كما أن الإصلاحات التنظيمية المؤيدة للعملات المشفرة التي تتبناها إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي يصف نفسه بـ”رئيس الكريبتو”، تمنح السوق دفعة إضافية. ووفقًا للمحللين، فإن اختراق مستوى 125 ألف دولار بشكل مستدام قد يمهد الطريق للوصول إلى 150 ألف دولار في المدى المتوسط.
البيئة التنظيمية المواتية
شهد عام 2025 سلسلة قرارات تنظيمية عززت مكانة العملات الرقمية في السوق الأميركية. فقد تم تمرير تشريعات العملات المستقرة ضمن إطار قانون Genius، مما وفر أساسًا قانونيًا أكثر وضوحًا لهذا القطاع. وفي الوقت نفسه، أجرت هيئة الأوراق المالية الأميركية تعديلات تنظيمية لاستيعاب الأصول الرقمية بشكل أوسع.
وإضافة إلى ذلك، صدر أمر تنفيذي يسمح بإدراج العملات المشفرة ضمن خطط التقاعد 401(k)، الأمر الذي يتيح لشركات كبرى مثل BlackRock وFidelity توسيع نشاطها في صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) المرتبطة بالعملات الرقمية، مما زاد من جاذبية السوق للمستثمرين المؤسسيين.
أرقام قياسية للقطاع
ارتفع سعر بيتكوين بنحو 32٪ منذ بداية 2025، وذلك بدعم من زيادة ملحوظة في التدفقات المؤسسية. وفي الوقت نفسه، قفزت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية إلى 4.18 تريليون دولار، مقارنة بـ 2.5 تريليون دولار في نوفمبر 2024، مما يعكس توسعًا قويًا في القطاع.
كما تمتلك المؤسسات نحو 1.86 مليون وحدة بيتكوين، وهو ما يؤكد تبنيًا واسعًا من قبل الصناديق والخزائن الاستثمارية. وإضافة إلى ذلك، أصبحت بيتكوين خامس أكبر أصل في العالم من حيث القيمة السوقية، متجاوزة شركة جوجل التي تبلغ قيمتها 2.4 تريليون دولار.
تأثير السياسات الاقتصادية
ساهم ضعف الدولار الأميركي وتزايد الرهانات على تيسير السياسة النقدية في تعزيز الطلب على الأصول عالية المخاطر مثل بيتكوين. ومن المتوقع أن يعلن الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل، وهو ما يدفع المستثمرين نحو الأصول البديلة.
مخاطر الاستثمار في التقاعد
رغم المكاسب القياسية، يحذر خبراء من أن إدراج العملات المشفرة في خطط التقاعد قد يزيد من المخاطر الاستثمارية، نظرًا للتقلبات العالية مقارنة بالأسهم والسندات التقليدية.
في النهاية، تواصل بيتكوين ترسيخ مكانتها كأصل رقمي رائد، مدعومة بمزيج من العوامل الاقتصادية والتنظيمية التي تعزز جاذبيتها لدى المستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء. ومع اقترابها من مستويات سعرية تاريخية جديدة، تبقى الأنظار مركزة على قرارات الفيدرالي والسياسات الحكومية التي قد تحدد مسارها في الأشهر المقبلة. ورغم الفرص الواعدة، تظل المخاطر حاضرة في سوق يتسم بالتقلبات، ما يجعل الحذر والتخطيط الاستثماري السليم أمرين ضروريين للحفاظ على المكاسب المحتملة.