أعلن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن الخطة الإسرائيلية لبناء آلاف الوحدات السكنية بين مستوطنة في الضفة الغربية ومحيط القدس الشرقية غير قانونية بموجب القانون الدولي. وأكد المكتب أن المشروع يعرض الفلسطينيين لخطر التهجير القسري، وهو ما يرقى إلى جريمة حرب، إذ يمنع نقل السكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة.
كما شدد المتحدث باسم الأمم المتحدة على أن هذه الخطة ستقسم الضفة الغربية إلى جزر معزولة، الأمر الذي يهدد أي فرصة حقيقية لإقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا.
موقف الحكومة الإسرائيلية
وزير المالية الإسرائيلي المتشدد بتسلئيل سموتريتش أكد عزمه المضي قدمًا في المشروع المؤجل منذ سنوات، واصفًا الخطوة بأنها ستقضي نهائيًا على فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويعتبر هذا المشروع من أكبر الخطط الاستيطانية التي تهدد بتقسيم الضفة الغربية إلى جزر معزولة، الأمر الذي يقوض أي فرصة لحل الدولتين.
وتستند إسرائيل في تبريرها إلى “روابط تاريخية ودينية” مع المنطقة، وتصف الضفة الغربية بأنها “أراضٍ متنازع عليها” وليست “محتلة”، بينما ترى أن المستوطنات توفر لها عمقًا استراتيجيًا وأمنيًا.
ردود الفعل الدولية
دعت ألمانيا الحكومة الإسرائيلية إلى وقف المشروع فورًا، محذرة من أن البناء سيؤدي إلى عزل الضفة الغربية عن القدس الشرقية، وبالتالي يقوض حل الدولتين. وفي السياق نفسه، وصف الاتحاد الأوروبي الخطة بأنها ضربة خطيرة لعملية السلام.
كما انضمت السعودية وقطر والأردن وتركيا، إلى جانب منظمة التعاون الإسلامي، لإدانة المشروع الاستيطاني، معتبرة أنه خرق صارخ للقانون الدولي وتهديد مباشر لحل الدولتين. ومن جانبها، شددت الأمم المتحدة على أن المستوطنات تضعف فرص السلام وتفاقم الاحتلال، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في المنطقة.
الإطار القانوني الدولي
في يوليو 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيًا استشاريًا غير ملزم اعتبر أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وشرق القدس غير قانوني. كما طالبت المحكمة إسرائيل بوقف جميع أنشطة الاستيطان، وإنهاء سياساتها التي تشمل التهجير القسري وتقييد الحركة، وإعادة المستوطنين من الأراضي المحتلة.
أبعاد سياسية ودولية
وفق تقديرات الأمم المتحدة، يعيش نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي وسط 2.7 مليون فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وقد ضمّت إسرائيل القدس الشرقية عام 1980 في خطوة لم تعترف بها معظم دول العالم، بينما أبقت الضفة الغربية تحت السيطرة دون إعلان سيادة رسمية عليها.
من جانبها، تؤكد معظم القوى الدولية أن توسيع المستوطنات يقوض إمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، ويمثل عقبة رئيسية أمام حل الدولتين الذي يهدف إلى قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل.
في ضوء المواقف الدولية المتصاعدة، يتضح أن الاستيطان الإسرائيلي ليس مجرد مشروع عمراني، بل خطوة تحمل أبعادًا سياسية وقانونية خطيرة قد تعيد تشكيل ملامح الصراع. وبينما تصر الحكومة الإسرائيلية على أن الخطة ضرورة استراتيجية، يؤكد المجتمع الدولي أنها خرق واضح للقانون الدولي وتهديد مباشر لحل الدولتين. ومع استمرار الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية وتزايد التوترات على الأرض، يبقى مستقبل القضية الفلسطينية مرهونًا بقدرة المجتمع الدولي على مواجهة هذا التصعيد وضمان حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.