تحلية المياه ليست تقنية حديثة بالكامل، فقد استخدمها البحارة اليونانيون بغلي مياه البحر للحصول على ماء عذب، بينما اعتمد الرومان على الفلاتر الطينية لإزالة الأملاح والشوائب. اليوم، وعلى الرغم من التطور الكبير في التكنولوجيا، لا تزال أساليب التقطير والترشيح هي الأساس في تقنيات التحلية الحديثة.
نمو صناعة تحلية المياه عالميًا
يوجد في العالم أكثر من 15 ألف محطة لتحلية المياه، وتتصدر السعودية والإمارات قائمة الدول المالكة لأكبر هذه المحطات. ويُقدّر حجم سوق تحلية المياه بـ 25.68 مليار دولار عام 2024، مع توقعات ببلوغه نحو 49.80 مليار دولار بحلول 2032، بمعدل نمو سنوي يصل إلى 8.68%.
الشرق الأوسط في الصدارة
تشكل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نحو 52.95% من سوق تحلية المياه العالمي، وذلك بسبب ندرة المياه وارتفاع الطلب. ورغم محدودية الموارد المائية، تعتمد دول الخليج بشكل خاص على التحلية لتغطية احتياجاتها، حيث يُنتج أكثر من 75% من المياه المحلاة عالميًا في المنطقة.
أزمة المياه العالمية
يتجاوز سحب المياه عالميًا 4 آلاف مليار متر مكعب سنويًا، بينما يعاني أكثر من 25% من سكان العالم من ندرة المياه العذبة. وتشير بيانات معهد الموارد العالمية إلى أن 25 دولة يعيش فيها ربع سكان العالم تواجه شحًا مائيًا حادًا بشكل سنوي، فيما يواجه نصف سكان الأرض شحًا مائيًا لمدة شهر على الأقل كل عام.
أسباب تفاقم أزمة المياه
يتزايد الضغط على الموارد المائية بسبب النمو السكاني المتسارع، ومعه يتوسع استخدام المياه في الزراعة المروية وتربية الماشية. وبالإضافة إلى ذلك، يزداد استهلاك الصناعات وإنتاج الطاقة بشكل كبير، مما يرفع الطلب على المياه. وفي الوقت نفسه، يؤدي ضعف الاستثمار في البنية التحتية للمياه إلى تفاقم المشكلة. ومع آثار التغير المناخي والتقلبات البيئية، تتعمق أزمة المياه لتصبح تحديًا عالميًا يهدد الأمن المائي في عدة مناطق.
الإجهاد المائي
يُقاس “الإجهاد المائي” بنسبة الطلب على المياه مقارنة بالموارد المتجددة المتاحة. وتُعتبر الدولة في حالة إجهاد مائي شديد إذا استهلكت أكثر من 80% من مواردها، وفي حالة إجهاد مرتفع إذا تجاوز الاستهلاك 40%.
الدول العربية الأكثر معاناة
بحسب البنك الدولي، تعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأكثر جفافًا في العالم. إذ تضم 12 دولة من الأكثر ندرة في المياه، من بينها: السعودية، الإمارات، البحرين، الكويت، قطر، الأردن، ليبيا، تونس، الجزائر، سلطنة عمان، فلسطين، اليمن. ومن المتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من المياه إلى النصف بحلول عام 2050.
أكبر 10 محطات لتحلية المياه في العالم
1. محطة رأس الخير – السعودية
- السعة: 2.99 مليون متر مكعب يوميًا
- تُعد من أكبر محطات التحلية وإنتاج الطاقة المتكاملة عالميًا، بتكلفة تجاوزت 23 مليار ريال سعودي.
2. محطة جبل علي – الإمارات
- السعة: 2.2 مليون متر مكعب يوميًا
- من أبرز محطات دبي، بتكلفة تقارب 3 مليارات دولار.
3. محطة الفجيرة – الإمارات
- السعة: 1.04 مليون متر مكعب يوميًا
- محطة هجينة تجمع بين التحلية وتوليد الكهرباء.
4. محطة الطويلة – الإمارات
- السعة: 909.2 ألف متر مكعب يوميًا
- تقع في أبوظبي، وتعمل بتقنية التناضح العكسي، وبدأ تشغيلها عام 2023.
5. محطة الجبيل – السعودية
- السعة: 800 ألف متر مكعب يوميًا
- تضم 27 وحدة تحلية وتنتج المياه والكهرباء معًا.
6. محطة أم القيوين – الإمارات
- السعة: 681.9 ألف متر مكعب يوميًا
- دخلت الخدمة عام 2023 باستخدام التناضح العكسي.
7. محطة سوريك – إسرائيل
- السعة: 640 ألف متر مكعب يوميًا
- توفر نحو 20% من احتياجات الكيان المائية منذ 2013.
8. محطة الشعيبة 3 – السعودية
- السعة: 600 ألف متر مكعب يوميًا
- تغطي احتياجات مكة وجدة خصوصًا في مواسم الحج والعمرة.
9. محطة كارلسباد – الولايات المتحدة
- السعة: 189 ألف متر مكعب يوميًا
- تقع في كاليفورنيا وتكفي لتزويد 300 ألف شخص.
10. محطة مينجور – الهند
- السعة: 100 ألف متر مكعب يوميًا
- توفر مياه الشرب لنحو نصف مليون شخص منذ 2010.
في النهاية، تؤكد هذه البيانات أن السعودية والإمارات تقودان العالم في مجال تحلية المياه، عبر مشاريع ضخمة واستثمارات طويلة الأمد. ومع تفاقم أزمة المياه العالمية، ستظل تقنيات التحلية الحل الرئيسي لتأمين المياه العذبة في المناطق الجافة وشبه القاحلة.