شهدت العاصمة واشنطن أول لقاء رسمي بين الرئيس الكوري الجنوبي لي جي ميونغ والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ورغم المخاوف من تكرار ما وصفه لي بـ”لحظة زيلينسكي” في إشارة إلى المواجهة العلنية بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فإن القمة انتهت دون صدامات علنية أو أزمات سياسية.
تصريحات ترامب المثيرة قبل اللقاء
قبل ساعات من القمة، نشر ترامب على منصته “تروث سوشيال” تعليقاً مثيراً قال فيه: “ما الذي يحدث في كوريا الجنوبية؟ يبدو الأمر كأنه ثورة أو حملة تطهير”، ما أثار قلق فريق لي من مواجهة غير متوقعة في المكتب البيضاوي. لكن الرئيس الكوري أوضح لاحقاً أنه كان واثقاً من أن الأمر لن يتطور، معتبراً أن معرفته بأسلوب ترامب التفاوضي من خلال كتابه فن الصفقة أعطته الثقة الكافية.
أجواء ودية ورسائل طمأنة
خلال المحادثات، حرص الجانبان على إظهار روح إيجابية، إذ أشاد ترامب بعلاقة لي مع كوريا الشمالية وأبدى حماسه للتواصل مع الزعيم كيم جونغ أون. واعتبر محللون أن هذه اللهجة الودية ساعدت على تجنّب أي مواجهة علنية قد تؤثر على متانة التحالف التاريخي بين واشنطن وسيول.
ملفات شائكة مؤجلة
رغم الأجواء الإيجابية التي طبعت القمة، إلا أن العديد من القضايا الحساسة ما زالت دون حل. فمن ناحية، يبرز ملف مساهمة كوريا الجنوبية في تكلفة وجود 28,500 جندي أمريكي على أراضيها كأحد أكثر النقاط تعقيداً. ومن ناحية أخرى، تظل تفاصيل الاتفاق التجاري المرتبط بالرسوم الجمركية غير واضحة، إذ لم يتم توثيقة بشكل رسمي حتى الآن.
إضافة إلى ذلك، تطالب سيول بالحصول على موافقة أمريكية لإعادة معالجة الوقود النووي، وهو موضوع يحمل أبعاداً استراتيجية حساسة. كما تسعى كوريا الجنوبية إلى مراجعة بعض القوانين الأمريكية الخاصة ببناء السفن، في محاولة لتعزيز مصالحها الاقتصادية والحفاظ على قدرتها التنافسية.
مخاوف مشتركة وتوازن دقيق
يرى خبراء أن تجنب المواجهة العلنية بين واشنطن وسيول كان خياراً حكيماً في هذا التوقيت، خاصة مع تصاعد التحديات الإقليمية. فمن جهة، تواصل كوريا الشمالية التقدم في برامجها النووية وتطوير الصواريخ الباليستية بشكل مثير للقلق. ومن جهة أخرى، يزداد عمق التعاون بين بيونغ يانغ وموسكو، ما يضيف بعداً جديداً إلى التوازنات الاستراتيجية. وفي الوقت نفسه، تظل التوترات بين الصين وتايوان حاضرة بقوة، وهو ما يدفع كلّاً من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لمراقبة الموقف عن قرب لتفادي أي تداعيات قد تمس استقرار المنطقة.
استراتيجية ترامب التفاوضية
بحسب محللين كوريين، فإن ترامب استخدم أسلوبه المعتاد ومارس ضغوط قوية في البداية ثم قدم تسويات لاحقة. لي أكد أنه كان مستعداً لهذا النهج، مضيفاً أن التحالف الأمريكي الكوري أكبر من أن تهزه خلافات تكتيكية أو تصريحات حادة.
في النهاية، إن القمة بين ترامب ولي جي ميونغ لم تخرج بقرارات نهائية في القضايا الخلافية، لكنها نجحت في أهم هدف لها: الحفاظ على تماسك التحالف الأمريكي الكوري وتجنّب أي مواجهة علنية قد تضعف موقف البلدين في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.