أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها ستمنع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من السفر إلى نيويورك الشهر المقبل للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. القرار يشمل أيضاً نحو 80 مسؤولاً فلسطينياً من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
خلفية القرار
كان عباس يخطط لإلقاء كلمة في الجلسة السنوية رفيعة المستوى للجمعية العامة، إضافة إلى المشاركة في قمة خاصة يتوقع أن تشهد إعلان دول مثل بريطانيا، فرنسا، أستراليا وكندا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين. كما اعتبر مكتب الرئيس الفلسطيني القرار “انتهاكاً لاتفاق مقر الأمم المتحدة” المبرم عام 1947، والذي يُلزم الولايات المتحدة بالسماح للدبلوماسيين الأجانب بدخول أراضيها لحضور اجتماعات المنظمة الدولية.
الموقف الفلسطيني
المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة دعا واشنطن إلى إعادة النظر في قرارها، مؤكداً أنه يتعارض مع القوانين الدولية ويضعف فرص تحقيق السلام. المسؤولون الفلسطينيون رفضوا اتهامات واشنطن وتل أبيب بأن منظمة التحرير والسلطة لم تتبرأ بشكل كافٍ من “التطرف”، معتبرين أن المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة منذ عقود لم تحقق أي تقدم لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
الموقف الأمريكي والإسرائيلي
كما أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن القرار يندرج ضمن “مصلحة الأمن القومي”، مشيرة إلى ضرورة محاسبة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية على ما وصفته بعدم الالتزام بتعهداتهما وتقويض فرص السلام. وفي الوقت نفسه، رحب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بالخطوة، معتبراً أنها تمثل انتقالاً في الاتجاه الصحيح، مما يعكس توافقاً بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي في هذه المرحلة.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية
التحركات الدولية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية تمثل ضغطاً متزايداً على إسرائيل والولايات المتحدة. أكثر من 147 دولة من أصل 193 عضواً في الأمم المتحدة تعترف بالفعل بدولة فلسطين. ومع ذلك، تصر واشنطن على أن إقامة الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تتم إلا عبر مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
سابقة تاريخية
في عام 1988، رفضت الولايات المتحدة منح تأشيرة دخول لزعيم منظمة التحرير آنذاك ياسر عرفات، ما دفع الأمم المتحدة لعقد اجتماعها في جنيف بدلاً من نيويورك لإتاحة الفرصة له لإلقاء خطابه. اليوم، يتكرر المشهد مع محمود عباس في ظل استمرار الحرب في غزة وتوسع الاستيطان في الضفة الغربية.
في النهاية، إن قرار الولايات المتحدة بمنع الرئيس محمود عباس ومسؤولين فلسطينيين من حضور اجتماعات الأمم المتحدة يفتح فصلاً جديداً من التوتر الدبلوماسي، في وقت يشهد فيه العالم زخماً متزايداً نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وبينما ترى واشنطن وتل أبيب أن الخطوة تأتي لحماية مصالحهما الأمنية والسياسية، يعتبرها الفلسطينيون انتهاكاً للقوانين الدولية وعرقلة لمساعي السلام. ومع استمرار الانقسام في المواقف الدولية، يبقى مستقبل الدولة الفلسطينية رهناً بموازين القوى والتحركات الدبلوماسية المقبلة.