أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى أن إسرائيل تمتنع للشهر الرابع على التوالي عن تحويل أموال الضرائب (المقاصة) للسلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أن المبلغ المحتجز تجاوز 10 مليارات شيكل (3 مليارات دولار). جاء ذلك خلال اجتماع طارئ في رام الله لمناقشة التداعيات المالية والاقتصادية للأزمة.
تأثير مباشر على الاقتصاد الفلسطيني
مصطفى أوضح أن استمرار احتجاز الأموال يشكل أحد أخطر التحديات أمام الاقتصاد الفلسطيني، خصوصا مع الانكماش الاقتصادي الناتج عن الحرب على غزة، والإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وأضاف أن أزمة السيولة تفاقمت بسبب رفض إسرائيل استقبال مليارات الشواكل المتكدسة في البنوك الفلسطينية، ما أدى إلى تهديد مباشر للحركة الاقتصادية والقطاع المالي.
ارتفاع البطالة وتفاقم الدين العام
أشار رئيس الوزراء إلى أن البطالة بلغت نحو 80% في غزة وأكثر من 30% في الضفة، فيما يثقل الدين العام كاهل الحكومة الفلسطينية، إذ يتجاوز حجم التزاماتها الشهرية الإيرادات المحلية. هذا الوضع جعل السلطة عاجزة عن دفع رواتب موظفيها بشكل كامل، حيث لم تُصرف الرواتب إلا بنسبة 60% لشهر مايو/أيار.
إصلاحات وخطط لمواجهة الأزمة
كشف مصطفى عن خطوات إصلاحية لمواجهة الأزمة، حيث أكد أولا إطلاق برنامج وطني للتنمية والتطوير يضم عشر مبادرات اقتصادية تهدف إلى تحريك عجلة النمو. وانتقل للحديث عن إجراءات إصلاح مالي تشمل زيادة الإيرادات والحد من التسريبات المالية، مع التركيز على التوجه نحو التحول الرقمي وخفض النفقات الحكومية.
وبالإضافة إلى ذلك، شدد على أهمية تعزيز الدعم الدولي من خلال برامج أوروبية ودولية مثل البنك الدولي. وفي سياق متصل، أعلن عن خطة لتأمين دعم مالي طارئ لمدة ستة أشهر، سيتم طرحها خلال مؤتمر المانحين الذي سيعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
خطر انهيار القطاعات الحيوية
الحكومة الفلسطينية حذرت من أن استمرار الأزمة سيؤثر بشكل مباشر على الصحة والتعليم والأمن. وأدى ذلك بالفعل إلى تأجيل العام الدراسي في الضفة الغربية حتى 8 سبتمبر/أيلول.
ووفقا لتقرير البنك الدولي، فإن إيرادات المقاصة تمثل نحو ثلثي دخل السلطة الفلسطينية، في حين تصل فاتورة الرواتب الشهرية إلى نحو مليار شيكل يستفيد منها أكثر من 245 ألف شخص.
دعم دولي وضغوط سياسية
تسعى السلطة الفلسطينية لحشد دعم دولي متزايد، حيث طلبت في يوليو 2025 من الاتحاد الأوروبي التدخل للإفراج عن 8 مليارات شيكل (2.4 مليار دولار) من الأموال المحتجزة. كما تعمل على طرح مبادرة لدعم مالي طارئ بالتعاون مع الدول العربية والشركاء الدوليين. في المقابل، اتخذت الولايات المتحدة خطوة مفاجئة بوقف إصدار تأشيرات لحاملي جواز السفر الفلسطيني، بينهم مسؤولون كبار، ما يعمّق العزلة السياسية ويزيد الضغط على السلطة.
تهديد بقطع التعاون المصرفي
حذرت سلطة النقد الفلسطينية من أن إلغاء التغطية القانونية بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية سيؤدي إلى أزمة كبيرة، إذ قد يعيق وصول السلع الأساسية بسبب توقف التحويلات المالية. هذا القرار، الذي دفع به وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، يهدف لإضعاف البنية المالية الفلسطينية، ويدفع الاقتصاد نحو الاعتماد النقدي فقط، وهو ما يهدد بانهيار واسع.
الأزمة تتزامن مع التصعيد الإسرائيلي
في النهاية، تأتي هذه التطورات في وقت يكثف فيه الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية بالتوازي مع الحرب على غزة، التي أوقعت عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، معظمهم من النساء والأطفال، وسط اتهامات بارتكاب إبادة جماعية ودعوات دولية متكررة لوقفها.