سجلت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا قياسيًا يوم الثلاثاء بعدما تجاوزت حاجز 3500 دولار للأونصة للمرة الأولى في تاريخها. جاء هذا الصعود مدفوعًا بتزايد التوقعات بأن يقدم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المرتقب هذا الشهر.
تفاصيل الأسعار في السوق
ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.1% ليصل إلى 3480.57 دولارًا للأونصة بحلول الساعة 11:25 بتوقيت غرينتش، بعد أن لامس مستوى قياسي عند 3508.50 دولارًا في وقت سابق من الجلسة. كما صعدت العقود الآجلة الأمريكية للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 0.9% لتسجل 3549 دولارًا. ومنذ بداية عام 2025، ارتفعت الأسعار بنسبة 32%، ما يعكس إقبال المستثمرين الكبير على المعدن الثمين.
العوامل الدافعة للصعود
أرجع المحللون صعود أسعار الذهب إلى مجموعة من العوامل المؤثرة. فمن ناحية، تعززت التوقعات بخفض الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 17 سبتمبر، مع ترجيح الأسواق لحدوث ذلك بنسبة تصل إلى 90%. ومن ناحية أخرى، واصلت البنوك المركزية حول العالم زيادة مشترياتها، مما عزز الطلب على المعدن الثمين.
وفي الوقت نفسه، ارتفع الإقبال على الذهب كملاذ آمن في ظل الاضطرابات الجيوسياسية وتنامي المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. كما ساهم ضعف الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية في دفع الأسعار نحو مستويات قياسية جديدة.
الذهب كملاذ آمن
يُنظر إلى الذهب منذ عقود باعتباره وسيلة حماية في أوقات الاضطرابات الاقتصادية والسياسية. وخلال عام 2025، حقق المعدن الأصفر عدة قمم تاريخية، مدعومًا بتحركات المستثمرين بعيدًا عن الدولار الأمريكي وتزايد المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية على النمو العالمي.
أداء الذهب في السنوات الأخيرة
شهد الذهب أداءً قويًا خلال العامين الماضيين، حيث ارتفع بنسبة 27% في عام 2024. ومع بداية مارس من العام نفسه، تمكن من كسر حاجز 3000 دولار للأونصة لأول مرة في تاريخه، مما عزز مكانته كأحد أهم الأصول الاستثمارية. ومنذ مطلع عام 2025، واصل المعدن الثمين مساره الصاعد محققًا مكاسب تجاوزت 32%، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين المتزايدة في الذهب كملاذ آمن في ظل التقلبات الاقتصادية.
تصريحات المحللين
أكد هان تان، كبير محللي الأسواق في شركة Nemo.money، أن مسار الذهب يعتمد على مدى التزام الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة وفق توقعات السوق، مضيفًا أن هناك عوامل أساسية مثل الطلب الاستثماري والملاذ الآمن ستدعم الصعود المستمر.
فيما أشار هوجو باسكال، متداول المعادن الثمينة في InProved، إلى أن كل المؤشرات الفنية والأساسية توضح أن السوق في وضع “شراء عند الانخفاض”، مع استمرار الذهب كأصل غير مرتبط بالأسهم أو العقارات أو السندات.
تحركات الصناديق الاستثمارية
أعلن صندوق SPDR جولد ترست، أكبر صندوق مؤشرات متداولة مدعوم بالذهب في العالم، عن ارتفاع حيازاته بنسبة 1.01% لتصل إلى 977.68 طن. ويعد هذا المستوى الأعلى منذ أغسطس 2022، مما يعكس ثقة المستثمرين المتزايدة في المعدن الأصفر، خصوصًا في ظل التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية. وبذلك، يواصل جذب التدفقات الاستثمارية كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.
المعادن الأخرى
تراجعت أسعار المعادن الثمينة الأخرى بالتوازي مع تحركات الذهب. فقد انخفضت الفضة بنسبة 0.4% لتستقر عند 40.50 دولارًا للأونصة، وذلك بعد أن لامست أعلى مستوياتها منذ عام 2011. وفي الوقت نفسه، تراجع البلاتين بنسبة 0.8% ليسجل 1388.22 دولارًا. أما البلاديوم فقد هبط بنسبة 1.3% ليصل إلى 1123.14 دولارًا، مما يعكس ضغوطًا متفاوتة على أسواق المعادن النفيسة.
في النهاية، يواصل الذهب ترسيخ مكانته كأحد أهم الملاذات الآمنة في الأسواق العالمية، مدعومًا بتوقعات خفض الفائدة الأمريكية وتزايد الطلب الاستثماري. ومع تسجيله مستويات قياسية غير مسبوقة، تبقى الأنظار متجهة إلى قرارات الفيدرالي المقبلة وبيانات الاقتصاد الأمريكي، التي ستحدد ما إذا كان المعدن الثمين سيواصل رحلته الصاعدة أم سيشهد بعض التراجع المؤقت.