سجل سعر الذهب اليوم ارتفاعًا قياسيًا جديدًا متجاوزًا حاجز 3,540 دولارًا للأونصة، في ظل تصاعد الرهانات على خفض أسعار الفائدة الأميركية، وتنامي المخاوف بشأن مستقبل السياسة النقدية واستقلالية الاحتياطي الفيدرالي. وترافق هذا الصعود اللافت مع اضطرابات تجارية متزايدة، ما دفع المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن يعوّض تراجع الثقة في الأسواق العالمية.
الذهب يحطم أرقامه القياسية مجددًا
واصل الذهب صعوده القياسي، حيث سجّل الذهب الفوري، الأربعاء، ارتفاعًا بنسبة 0.4% ليصل إلى 3,547.27 دولارًا للأونصة، بعدما لامس مستوى غير مسبوق بلغ 3,549.53 دولارًا في وقت سابق من الجلسة. كما صعدت العقود الآجلة الأميركية تسليم ديسمبر بنسبة 0.6% لتسجل 3,613.30 دولارًا.
ويتزامن هذا الارتفاع مع تزايد التوقعات بأن يُقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض سعر الفائدة خلال اجتماعه المرتقب في 17 سبتمبر، وسط مؤشرات ضعف في أداء الدولار الأميركي.
رهانات على خفض الفائدة تضغط على الدولار
تشير التوقعات إلى احتمالية خفض الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة خلال اجتماعه في 17 سبتمبر، وهو ما يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن. أداة FedWatch التابعة لـCME Group تشير إلى أن المستثمرين يقدّرون بنسبة 92٪ حدوث خفض بواقع 25 نقطة أساس.
ويُذكر أن أسعار الفائدة المنخفضة تميل إلى إضعاف الدولار، مما يجعل الذهب أقل تكلفة للمشترين من خارج الولايات المتحدة، ويزيد من جاذبيته كأصل استثماري لا يدرّ عائدًا.
تدخلات ترامب تثير مخاوف بشأن استقلالية الفيدرالي
زاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من ضغوطه على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وناقش علنًا فكرة إقالة رئيسه جيروم باول. كما حاول الشهر الماضي إقالة العضوة ليزا كوك، في خطوة اعتبرها خبراء تهديدًا لاستقلالية المؤسسة النقدية الأمريكية.
أزمة الرسوم الجمركية تتفاقم
في تطور يزيد من التوترات التجارية، أعلنت إدارة ترامب أنها ستطلب من المحكمة العليا تسريع البت في قضية تتعلق برسوم جمركية وصفتها محكمة استئناف أمريكية بأنها غير قانونية. هذا النزاع أضاف حالة من عدم اليقين للأسواق العالمية، مما عزز الطلب على الذهب كأصل تحوطي.
محللون يتوقعون استمرار صعود الذهب
قال المحلل المستقل روس نورمان إن الذهب بات يمثل ملاذًا آمنًا للمستثمرين في ظل الاضطرابات المتزايدة في الأسواق العالمية. وأوضح أن هذه القفزات في الأسعار تأتي في وقت حساس، حيث تواجه إدارة ترامب اختبارًا حقيقيًا لمصداقيتها أمام المحكمة العليا بشأن سياساتها الجمركية المثيرة للجدل.
من جهة أخرى، لفت زين فودا، المحلل لدى “أواندا”، إلى أن التوترات الجيوسياسية وعدم وضوح توجهات الاحتياطي الفيدرالي يمنحان الذهب قوة دفع إضافية، مشيرًا إلى أن المعدن الأصفر لا يزال يملك فرصًا واسعة لتحقيق مزيد من المكاسب خلال عام 2025، خاصة مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي.
توقعات السعر في المدى المتوسط
يتوقع المحللون أن يتراوح سعر الذهب الفوري بين 3,600 إلى 3,900 دولار خلال المدى القريب إلى المتوسط. وقد يشهد السعر اختبارًا لمستوى 4,000 دولار في عام 2026 إذا استمرت المخاطر الاقتصادية والسياسية الحالية.
تطورات المعادن النفيسة الأخرى
تباين أداء المعادن النفيسة في الأسواق، حيث تراجعت الفضة بنسبة 0.1٪ لتسجل 40.87 دولارًا للأونصة، وذلك رغم أنها بلغت أعلى مستوياتها منذ سبتمبر 2011 في وقت سابق من الجلسة. في المقابل، ارتفع البلاتين بنسبة طفيفة بلغت 0.1٪ ليصل إلى 1,404.09 دولارًا، بينما سجّل البلاديوم مكاسب قوية بنسبة 1.7٪ ليصل إلى 1,153.46 دولارًا، مدعومًا بتحسن في الطلب الصناعي. ويعكس هذا التباين حالة الحذر في السوق، وسط متابعة دقيقة لتحركات الفيدرالي والبيانات الاقتصادية القادمة.
في النهاية، تظل أسعار الذهب مرآة للتقلبات الاقتصادية والجيوسياسية، ومع تصاعد التوترات وتضاؤل الثقة في سياسات الفائدة الأمريكية، يبدو أن الذهب قد يواصل تحطيم الأرقام القياسية في الأشهر المقبلة. يترقب المستثمرون الآن بيانات الوظائف الأميركية غير الزراعية المرتقبة يوم الجمعة، والتي قد تحسم قرار الاحتياطي الفيدرالي القادم.