دعا الجيش الإسرائيلي يوم السبت سكان مدينة غزة إلى مغادرتها والتوجه نحو الجنوب، مع تكثيف الهجوم العسكري داخل أكبر مدن القطاع. وقال المتحدث باسم الجيش إن منطقة مخصصة على ساحل خان يونس تعتبر “منطقة إنسانية” يمكن للنازحين الحصول فيها على الغذاء والرعاية الطبية والمأوى.
غزة تحت القصف والعمليات البرية
القوات الإسرائيلية تنفذ منذ أسابيع هجمات عنيفة على أطراف المدينة الشمالية، بينما باتت قواتها تبعد كيلومترات قليلة فقط عن وسط المدينة. وأكد الجيش أنه بات يسيطر على نحو نصف مدينة غزة وعلى ما يقارب 75٪ من كامل القطاع. رغم ذلك، كثير من العائلات التي نزحت سابقًا عادت إلى بيوتها وترفض النزوح مجددًا.
نتنياهو والقرار العسكري
أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بدعم من ائتلافه اليميني، أوامر بالسيطرة على غزة رغم تحفّظ القيادات العسكرية. وقد استدعى الجيش عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لدعم العملية. كما يعتبر نتنياهو أن غزة مدينة إستراتيجية و”معقل أساسي لحماس”، والسيطرة عليها خطوة حاسمة في الحرب المستمرة منذ هجوم 7 أكتوبر 2023.
حصيلة الحرب والأزمة الإنسانية
بحسب وزارة الصحة في غزة، تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين 64 ألف شخص منذ بداية الحرب، بينما تسببت العمليات العسكرية في دمار واسع ومعاناة إنسانية غير مسبوقة. وقبل الحرب، كانت مدينة غزة تأوي نحو مليون نسمة، أي ما يقارب نصف سكان القطاع.
معضلة الرهائن والمفاوضات
ما يزال ملف الرهائن يمثل عقدة أساسية في أي تسوية. تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن 20 رهينة ما زالوا على قيد الحياة من أصل 48 محتجزًا. كما تدفع الحكومة الإسرائيلية نحو “صفقة شاملة” تتضمن الإفراج عن جميع الرهائن دفعة واحدة مقابل استسلام حماس. بينما تعرض الحركة الإفراج الجزئي مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار، على غرار مفاوضات سابقة انهارت في يوليو. ومن جانبه، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن واشنطن تجري مفاوضات “عميقة جدًا” مع وسطاء عرب لإيجاد مخرج للأزمة.
إسرائيل في عزلة دولية متزايدة
الحرب الدائرة جعلت إسرائيل في مواجهة عزلة دبلوماسية متنامية، حتى من جانب بعض حلفائها التقليديين الذين انتقدوا بشدة حجم الدمار في القطاع. كما صرح وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس بأن العمليات ستستمر حتى تقبل حماس بشروط إسرائيل: إطلاق سراح الرهائن ونزع سلاحها، مهددًا بتدميرها في حال الرفض.
في النهاية، تظل مدينة غزة محور الصراع العسكري والسياسي بين إسرائيل وحماس، حيث تتداخل العمليات العسكرية مع الضغوط الإنسانية والدبلوماسية. ومع استمرار الدعوات للنزوح وتزايد أعداد الضحايا، تبدو الأزمة مفتوحة على احتمالات متعددة، من تصعيد عسكري أوسع إلى تسوية مشروطة بملف الرهائن. وبينما تتصاعد الضغوط الدولية لوقف الحرب، يبقى مستقبل غزة غامضًا في ظل غياب توافق يضمن الأمن والإغاثة لسكانها المنهكين.