عقدت الحكومة اللبنانية يوم الجمعة جلسة لمناقشة خطة الجيش التي تهدف إلى احتكار الدولة للسلاح، وقد أكد الجيش اللبناني أن التنفيذ يحتاج إلى وقت وإمكانات، كما حذر من أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية سيعرقل الخطة. كما أوضح وزير الإعلام اللبناني، بول مرقص، أن الحكومة لم تصدر بعد قراراً نهائياً بالموافقة، لكنها رحبت بمبادرة الجيش.
انسحاب الوزراء الشيعة من الجلسة
شهدت الجلسة الوزارية انسحاب خمسة وزراء شيعة من حزب الله وحركة أمل، اعتراضاً على مناقشة الخطة دون توافق وطني شامل. وأعتبر الوزراء أن المضي قدماً بقرار استراتيجي كهذا من دون مشاركتهم يهدد التوازن الطائفي والسياسي في لبنان.
موقف حزب الله من خطة الجيش
صرّح محمود قماطي، مسؤول في حزب الله، لوكالة رويترز أن ما حدث يمثل “فرصة للعودة إلى الحكمة والعقل”، لكنه شدد أن التنفيذ يجب أن يبقى معلقاً حتى توقف إسرائيل عملياتها العسكرية وتنسحب من الجنوب اللبناني. كما أكد الحزب رفضه المطلق لأي خطة نزع سلاح مرتبطة بضغوط خارجية، داعياً إلى وضع استراتيجية دفاع وطني بدلاً من ذلك.
الضغوط الدولية وخارطة الطريق الأميركية
جاءت الخطة بعد أن وافقت الحكومة الشهر الماضي على خارطة طريق أميركية تنص على نزع سلاح حزب الله مقابل وقف الهجمات الإسرائيلية. ومن ناحية أخرى، كان المبعوث الأميركي توماس باراك قد طرح مقترحاً يحدد نهاية عام 2025 موعداً لتحقيق هذه الخطوة، متضمناً انسحاباً إسرائيلياً من الجنوب. ومع ذلك، رفض حزب الله هذه المبادرة بشكل قاطع، معتبراً أنها تشكل تهديداً مباشراً للسيادة اللبنانية وتعتمد على تنازلات غير مقبولة بالنسبة له.
إسرائيل تواصل عملياتها العسكرية
رغم الإشارات الإسرائيلية إلى إمكانية خفض وجودها العسكري في الجنوب إذا تحرك الجيش ضد حزب الله، واصلت تل أبيب غاراتها. وقد أسفرت الهجمات الإسرائيلية الأسبوع الماضي عن مقتل أربعة أشخاص في لبنان، ما زاد من التوتر الداخلي.
الانقسام الداخلي حول سلاح حزب الله
قضية سلاح حزب الله ما زالت تحتل موقعاً محورياً في المشهد السياسي اللبناني منذ الحرب المدمرة مع إسرائيل العام الماضي. وفي هذا السياق، تمارس الولايات المتحدة والسعودية، إلى جانب قوى لبنانية معارضة، ضغوطاً متزايدة لدفع الحكومة نحو نزع سلاح الحزب. لكن في المقابل، يؤكد حزب الله أن طرح هذا الملف في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي والقصف الجوي يشكل “خطوة خطيرة” قد تهدد الاستقرار الداخلي.
تحذيرات من اندلاع أزمة داخلية
الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، كان قد حذر الشهر الماضي من خطر اندلاع حرب أهلية إذا حاولت الحكومة مواجهة الحزب مباشرة. كما لوح بإمكانية اللجوء إلى الشارع وتنظيم احتجاجات، في حال تصعيد الضغط على الحزب.
في النهاية، يبقى ملف سلاح حزب الله واحداً من أعقد التحديات التي تواجه لبنان في هذه المرحلة الحساسة. وبين الضغوط الدولية المتزايدة، والانقسام الداخلي العميق، واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية، تبدو الحكومة اللبنانية عالقة بين خيارات صعبة لا تخلو من المخاطر.
وفي الوقت الذي يرى البعض في خطة الجيش اللبناني خطوة نحو استعادة السيادة وبناء دولة قوية، يصر حزب الله على أن أي حديث عن نزع السلاح في ظل الاحتلال والتهديدات يمثل تهديداً للأمن الوطني. وبين هذه المواقف المتباينة، يظل مستقبل لبنان مرهوناً بمدى قدرة جميع الأطراف على التوصل إلى تسوية واقعية توازن بين متطلبات الأمن والسيادة ومصالح الدولة.