في العاصمة النيبالية كاتماندو، اندلعت مواجهات دامية يوم الاثنين بعد أن فتحت قوات الشرطة النار على آلاف المحتجين الذين خرجوا للتظاهر ضد قرار حكومي يقضي بحظر معظم منصات التواصل الاجتماعي. وأسفرت الأحداث عن مقتل 11 شخصًا وإصابة العشرات بجروح خطيرة، وفق ما أكد مسؤولون طبيون.
تفاصيل الضحايا والمصابين
قال الدكتور بدري ريسال من المركز الوطني للصدمات إن سبعة متظاهرين لقوا حتفهم في المستشفى، بينما استقبل المركز 58 مصابًا، كثير منهم أصيبوا بطلقات في الرأس والصدر. وفي السياق نفسه، أوضح أطباء في مستشفى مدني أن شخصين توفيا متأثرين بجراحهما، في حين فارق اثنان آخران الحياة في مستشفى “KMC”.
ومن ناحية أخرى، ما زال عشرات الجرحى يتلقون العلاج في مستشفيات متفرقة بالعاصمة كاتماندو. وبالتزامن مع ذلك، تجمع المئات من ذوي الضحايا أمام أبواب المستشفيات في انتظار الأخبار، في حين اصطف مواطنون للتبرع بالدم دعمًا للمصابين.
أسباب الاحتجاجات
خرجت عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى شوارع كاتماندو رفضًا لقرار الحكومة حجب منصات شهيرة مثل فيسبوك، إكس، ويوتيوب، بحجة أن هذه الشركات لم تسجل مكاتبها رسميًا في نيبال. ورغم محاولات قوات مكافحة الشغب السيطرة على الوضع باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، فإن المحتجين تمكنوا من تجاوز الأسلاك الشائكة ومحاصرة مبنى البرلمان، ما دفع الشرطة إلى اللجوء لاستخدام الرصاص الحي.
رد فعل الحكومة
أعلنت السلطات فرض حظر تجول في محيط البرلمان، مقر الحكومة، القصر الرئاسي، إضافة إلى مناطق حساسة أخرى في العاصمة. وفي المقابل، ردّد المحتجون هتافات مناهضة للحكومة مثل: “أوقفوا حظر وسائل التواصل الاجتماعي.. أوقفوا الفساد لا الحريات”. وفي هذا السياق، وُصف الحراك بأنه “احتجاج جيل زد”، في إشارة إلى الشباب المولودين بين 1995 و2010 الذين شكّلوا غالبية المشاركين في المظاهرات.
خلفية تشريعية مثيرة للجدل
الحكومة دافعت عن قرارها مؤكدة أن القانون الجديد المطروح أمام البرلمان يهدف إلى “ضمان إدارة المنصات بشكل مسؤول”. ويتضمن إلزام الشركات بفتح مكاتب محلية وتعيين نقطة اتصال رسمية. لكن جماعات حقوقية اعتبرت هذه الخطوة محاولة لتقييد حرية التعبير وفرض رقابة على المعارضين.
سوابق في حظر التطبيقات
في عام 2023، حظرت نيبال تطبيق تيك توك متهمة إياه بتهديد “الانسجام الاجتماعي”. وبعد فترة قصيرة، رُفع الحظر عقب التزام الشركة بالقوانين المحلية. وفي وقت سابق، وتحديدًا عام 2018، منعت الحكومة المواقع الإباحية في خطوة مشابهة، مبررة ذلك برغبتها في حماية القيم العامة.
في النهاية، تشير أحداث كاتماندو الأخيرة إلى تصاعد الغضب الشعبي تجاه محاولات الحكومة تقييد الفضاء الرقمي. وبينما تبرر السلطات قراراتها بأنها تهدف إلى فرض الرقابة القانونية على الشركات العالمية، يرى المواطنون أن الأمر يمثل انتكاسة جديدة لحرية التعبير في بلد لا يزال يسعى لترسيخ مؤسساته الديمقراطية.