في تحول لافت ومثير للجدل، اعترفت جوجل سرًا في مستند قضائي بأن الإنترنت المفتوح يشهد تراجعًا سريعًا، رغم تأكيداتها العلنية السابقة بأن الإنترنت ما زال مزدهرًا وأن أدوات البحث المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لا تؤثر سلبًا في حركة الزيارات. هذا التناقض يفتح بابًا واسعًا للنقاش حول مستقبل المواقع المستقلة ودور المنصات الكبرى في تشكيل تدفق المعلومات. كما جاء هذا الاعتراف في خضم المواجهة القضائية التي تخوضها الشركة مع وزارة العدل الأمريكية بشأن هيمنتها على سوق الإعلانات الرقمية.
مواجهة قضائية مع وزارة العدل الأمريكية
وزارة العدل الأمريكية أوصت بتفكيك نشاط جوجل في الإعلانات لحماية المنافسة. غير أن الشركة حذرت من أن هذا الإجراء سيؤدي إلى تسريع تراجع الويب المفتوح، ما قد يضر بالمواقع المستقلة التي تعتمد على عائدات الإعلانات كمصدر رئيسي للبقاء.
تناقض في تصريحات جوجل
خلال الأشهر الماضية، أكد ساندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لجوجل، أن إدخال أدوات البحث المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ساعد على إحالة المستخدمين إلى مجموعة أوسع من المصادر. كما شددت وليز ريد، رئيسة محرك البحث، على أن حجم النقرات على الروابط “مستقر نسبيًا” وأن جوجل ما زالت ترسل مليارات الزيارات يوميًا.
لكن الوثائق القضائية تكشف عن موقف مغاير، يعكس تراجعًا حقيقيًا في حركة الزوار إلى المواقع، وهو ما يتناقض بشكل واضح مع تصريحات مسؤولي الشركة.
الذكاء الاصطناعي يغير سلوك المستخدمين
يرى خبراء الإعلام الرقمي أن صعود أدوات مثل الموجزات الذكية (AI Overviews) أدى إلى تغيّر جوهري في طريقة تفاعل المستخدمين مع نتائج البحث. فالكثير منهم أصبح يكتفي بالمعلومات المختصرة التي تقدمها جوجل دون الحاجة إلى زيارة المواقع الأصلية. كما انعكس هذا التغيير على انخفاض زيارات المواقع المستقلة وتراجع عوائدها الإعلانية، ما يشير إلى تحول عميق في مشهد الإعلام الرقمي.
مستقبل الويب المفتوح تحت التهديد
مع استمرار اعتماد المستخدمين على نتائج الذكاء الاصطناعي بدلاً من التصفح المباشر، تتصاعد التساؤلات حول مستقبل نموذج “الويب المفتوح”. محللون يرون أن المرحلة المقبلة قد تشهد انحسار عدد المواقع المستقلة لصالح منصات مركزية كبرى تتحكم في حركة المعلومات والعوائد.
في النهاية، إن الاعتراف السري لجوجل يكشف عن واقع جديد يهدد بنية الإنترنت التقليدية. ومع تنامي دور الذكاء الاصطناعي في نتائج البحث، يواجه الويب المفتوح تحديات غير مسبوقة، ما يضع مستقبل الإعلام المستقل أمام اختبار صعب.