تُعرف قطر بأنها دولة خليجية صغيرة وغنية بالغاز، وتستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط. كما لعبت دوراً محورياً في إجلاء الأميركيين من أفغانستان، وحصلت على صفة “حليف رئيسي من خارج الناتو”. هذه المكانة منحتها صورة دولة محمية أميركياً، خصوصاً مع وجود قاعدة العديد الجوية التي تعد مقراً للقيادة الوسطى الأميركية.
تفاصيل الضربة الإسرائيلية في الدوحة
في خطوة مفاجئة، استهدفت إسرائيل اجتماعاً لقيادات حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة. الهجوم الجوي أسفر عن تصاعد أعمدة الدخان في مدينة عُرفت بملاعب المونديال ومراكزها التجارية الفاخرة، ما شكّل صدمة غير مسبوقة في منطقة كانت تعتبر محمية بأنظمة دفاع أميركية.
ورغم أن إسرائيل سبق أن استهدفت قيادات حماس في بيروت وطهران، فإن استهدافها للدوحة يعد تجاوزاً خطيراً، خصوصاً أن قطر كانت الوسيط الأساسي في المفاوضات غير المباشرة بين حماس وتل أبيب.
انعكاسات الضربة على العلاقات الأميركية الخليجية
أقرت واشنطن بأن إسرائيل أبلغتها بالهجوم مسبقاً، لكن وزارة الخارجية القطرية أكدت أنها تلقت التحذير أثناء وقوع القصف. هذا الموقف اعتُبر مؤشراً على تراجع الضمانات الأمنية الأميركية، ما أثار قلقاً كبيراً لدى دول الخليج.
أنور قرقاش، مستشار القيادة الإماراتية، وصف الهجوم بأنه “خيانة”، مؤكداً أن أمن الخليج وحدة واحدة، وأن الإمارات تقف إلى جانب قطر بشكل كامل.
صدمة في دول الخليج
الهجوم الإسرائيلي فتح الباب أمام تساؤلات خليجية حول جدوى الاعتماد الكامل على المظلة الأميركية. دول مثل السعودية والإمارات كانت قد بدأت بالفعل تعزيز علاقاتها مع قوى أخرى مثل الصين وروسيا، والآن ترى في التصعيد الإسرائيلي خطراً مباشراً على استقرار المنطقة. كما يرى محللون أن إسرائيل أصبحت تمثل تهديداً متزايداً لدول الخليج، حتى أكثر من إيران التي أضعفت لكنها لم تهزم.
مستقبل اتفاقيات أبراهام
الضربة الإسرائيلية تهدد أيضاً طموحات تل أبيب لتوسيع “اتفاقيات أبراهام” التي انطلقت عام 2020 مع الإمارات والبحرين. فالسعودية، التي كانت تدرس إمكانية التطبيع، عادت لتشترط قيام دولة فلسطينية قبل أي خطوة. وبحسب خبراء، فإن فرص التطبيع مع أي دولة خليجية بعد هذا الهجوم باتت شبه معدومة.
تأثير الهجوم على مفاوضات وقف إطلاق النار
كانت الدوحة تستضيف جولة محادثات حساسة بوساطة أميركية للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة. غير أن رئيس الوزراء القطري أكد أن استمرار هذه المفاوضات بعد الضربة أصبح أمراً غير منطقي.
الهجوم لم يسفر عن مقتل قيادات بارزة في حماس، لكنه وصف بأنه رسالة لإفشال جهود التهدئة، وإشارة إلى استمرار الضغط العسكري الإسرائيلي برعاية غير معلنة من واشنطن.
الهجوم الإسرائيلي على قادة حماس في قطر لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل خطوة هزت أمن الخليج وأضعفت الثقة في التحالفات الأميركية. كما أنه وجه ضربة قوية لاتفاقيات أبراهام، وقلّص فرص أي انفراجة في مفاوضات وقف إطلاق النار. هذا التطور ينذر بمرحلة جديدة من التوتر في المنطقة، مع إعادة رسم موازين القوى والتحالفات.