أعلنت بولندا، صباح الأربعاء، أنها أسقطت عدة طائرات مسيرة روسية اخترقت أجواءها خلال موجة واسعة من الضربات الروسية على أوكرانيا. ووصفت وارسو الحادثة بأنها عمل عدائي متعمد، مؤكدة أنها تمت بدعم مباشر من قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو). وقد جاءت هذه التطورات بعد ثلاثة أيام فقط من أعنف هجوم جوي روسي على أوكرانيا منذ بداية الحرب، والذي استهدف ولأول مرة مبنى حكومياً رئيسياً في كييف.
ردود أوروبية غاضبة
قالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن ما جرى يمثل “أخطر انتهاك للأجواء الأوروبية منذ بداية الحرب”. وأضافت أن المؤشرات تدل على أن الحادثة كانت متعمدة وليست عرضية. ومن جانبه، كتب رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن “الطائرات المسيرة التي شكلت تهديداً مباشراً تم إسقاطها”، بينما أكد وزير الدفاع فلاديسلاف كوسينياك-كاميش أن أكثر من عشرة أجسام اخترقت المجال الجوي البولندي.
دعم مباشر من الناتو
أوضحت وزارة الدفاع البولندية أن العملية تمت بالتنسيق مع قيادة قوات الناتو الجوية، حيث ساهمت مقاتلات إف-35 الهولندية في اعتراض الطائرات، إلى جانب وضع أنظمة الدفاع الجوي الألمانية “باتريوت” في حالة تأهب. كما أكد الناتو أن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها بشكل مباشر في اعتراض تهديدات داخل أجواء دولة عضو. وأعلن المتحدث العسكري للناتو أن الحلف “ملتزم بالدفاع عن كل كيلومتر من أراضيه وأجوائه”.
قلق في دول البلطيق
أثارت الحادثة مخاوف كبيرة لدى دول البلطيق الثلاث (ليتوانيا، لاتفيا، إستونيا)، التي تعد الأكثر عرضة لأي توسع روسي محتمل. كما أعتبر الرئيس الليتواني جيتاناس ناوسيدا أن “روسيا توسع عدوانها بشكل متعمد”، بينما أكد وزير خارجية إستونيا أن ما جرى “تذكير صارخ بأن التهديد الروسي يستهدف أوروبا بأكملها وليس أوكرانيا فقط”.
أضرار داخل بولندا وأوكرانيا
أفاد عمدة قرية “ويريكي” البولندية بأن منزلاً أصيب بأحد الأجسام الطائرة، لكنه أشار إلى عدم وقوع إصابات بشرية. كما علقت رحلات مطار شوبين في وارسو لساعات بسبب العمليات العسكرية.
أما في أوكرانيا، فأعلنت القوات الجوية أن روسيا أطلقت أكثر من 415 طائرة مسيرة وصواريخ خلال ليلة واحدة. وتمكنت الدفاعات الأوكرانية من اعتراض معظمها، لكن الهجمات خلفت قتيلاً وعدة جرحى، إضافة إلى أضرار واسعة في البنية التحتية والمنازل في مناطق خميلنيتسكي، جيتومير، فينيتسيا، وتشيركاسي.
رسائل سياسية واضحة
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وصف اعتراض الطائرات الروسية فوق بولندا بأنه “سابقة مهمة”، مؤكداً أن أي تصعيد روسي سيقابل برد واضح من جميع الشركاء الأوروبيين. أما رئيس الوزراء الهولندي ديك سخوف فقال: “انتهاك الأجواء البولندية دليل جديد على أن الحرب الروسية تهدد أمن أوروبا بالكامل”.
يمثل انتهاك الأجواء البولندية من قبل الطائرات الروسية تصعيداً خطيراً قد يغير مسار الحرب، خاصة مع دخول الناتو بشكل مباشر في عمليات الاعتراض. وبينما تواصل روسيا هجماتها الواسعة على أوكرانيا، تتزايد المخاوف من أن تمتد دائرة الصراع إلى أوروبا بأكملها.