مع استمرار التقدم الروسي داخل إقليم دونيتسك شرقي أوكرانيا، يعيش المدنيون في حالة من الخوف واليأس. المدن التي كانت يومًا مزدهرة أصبحت شبه خالية، والبنية التحتية الأساسية تتداعى، فيما يزداد القصف وتتحول الحياة اليومية إلى صراع من أجل البقاء.
كراماتورسك وكوستانتينيفكا: مدن على حافة الانهيار
مدينة كوستانتينيفكا، التي كان عدد سكانها قبل الحرب نحو 67 ألف نسمة، باتت اليوم بلا كهرباء ولا مياه ولا غاز. أصوات القذائف والطائرات المسيّرة لا تفارق سماءها، ما أجبر معظم السكان على النزوح. أما كراماتورسك، التي تبعد 25 كيلومترًا فقط شمالًا، فما زالت تحافظ على بعض مظاهر الحياة. المطاعم والمقاهي تفتح أبوابها رغم الضربات المتكررة، لكن المشهد العام يهيمن عليه الوجود العسكري والقلق من أن تكون المدينة التالية في قائمة الدمار.
شهادات من قلب المأساة
تقول ناتاليا إيفانوفا، وهي سيدة سبعينية نزحت من كوستانتينيفكا بعد سقوط صاروخ قرب منزلها، تقول إن الإقليم دُمر بالكامل وتحول إلى غبار. وتضيف أن بوتين لن يتوقف، وهي متأكدة أن المزيد من المدن ستُمحى. تصف إيفانوفا لحظات الرعب عندما كانت تسمع صافرات القذائف المتساقطة بلا انقطاع، ثم تشير إلى أن الانفجار الأخير أجبرها على ترك شقتها مفتوحة والرحيل دون رجعة.
فقدان الأمل وإعادة بناء الحياة
من جانبها، قررت أولينا فورونكوفا ترك مدينتها في وقت مبكر بعدما توقفت عن إدارة صالون التجميل والمقهى الخاصين بها. انتقلت إلى كراماتورسك وأعادت افتتاح مقهى جديد ليصبح نقطة تجمع للنازحين من كوستانتينيفكا.
وتوضح أولينا أن الناس فقدوا الأمل في العودة، مؤكدة أن مدينتها تسير نحو المصير ذاته الذي واجهته باخموت وأفدييفكا، إذ كل شيء يتعرض للتدمير أمام أعينهم.
كراماتورسك: حياة معلقة
بالرغم من محاولات التمسك بالحياة، تبدو كراماتورسك مدينة تنتظر مصيرًا مشابهًا. داريا هورلوفا، شابة تبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، تصف الوضع بقولها إن المشاعر انعدمت، فالقصف مستمر والخوف يرافقهم في كل لحظة. ومع ذلك، تحاول مواجهة القلق بالتركيز على دراستها وأحلامها الصغيرة، مثل الحصول على وشم جديد يرمز إلى مدينتها. لكنها، في الوقت نفسه، تعترف بأن المستقبل غامض، وأن خيار النزوح قد يفرض نفسه مرة أخرى في أي وقت.
مستقبل مجهول
بين مدن تتداعى، وأخرى تكافح للبقاء، يواجه سكان دونيتسك واقعًا قاسيًا يهدد بمحو تاريخهم وحياتهم. الأصوات القادمة من هناك تحمل رسالة واضحة: الحرب تستنزف البشر قبل الحجر، ولا أحد يعرف متى أو كيف ستنتهي.