أعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك عزمه المضي قدمًا في برنامج واسع لتحديث الجيش، وذلك بعد يوم واحد من اختراق طائرات مسيرة روسية المجال الجوي البولندي. الحادثة اعتُبرت بمثابة استفزاز مباشر لبولندا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وأثارت مخاوف من توسع الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات.
رد فعل بولندا والناتو
أكد توسك خلال زيارته لقاعدة جوية في مدينة لودز الوسطى أن القوات البولندية وحلفاء الناتو، خصوصًا من هولندا، تعاملوا بسرعة مع الاختراقات الجوية. ورغم نجاح الرد، برزت تساؤلات حول جدوى استخدام مقاتلات متطورة لإسقاط طائرات مسيرة منخفضة التكلفة. كما شدد الرئيس البولندي كارول نافروتسكي أيضًا على أن بلاده “لا تخشى الطائرات المسيرة الروسية”، واعتبر الحادثة اختبارًا لقدرات بولندا الدفاعية.
إجراءات أمنية جديدة
فرضت وكالة الملاحة الجوية البولندية قيودًا على حركة الطيران في شرق البلاد لأسباب أمنية، وذلك في خطوة تعكس حجم التوتر المتصاعد. وفي سياق متصل، أعلنت وارسو إغلاق حدودها مع بيلاروسيا ابتداءً من منتصف الليل، بالتزامن مع انطلاق تدريبات عسكرية مشتركة بين القوات الروسية والبيلاروسية. من ناحية أخرى، دعت الصين بولندا إلى الإبقاء على خط السكة الحديدية الرابط بين مينسك والاتحاد الأوروبي مفتوحًا، باعتباره جزءًا أساسيًا من مبادرة “الحزام والطريق” لتعزيز التجارة الدولية.
تسليح وتحديث عسكري
أشار توسك إلى أن بولندا ستستلم العام المقبل أولى طائرات F-35 الأميركية، ضمن صفقة تشمل 32 مقاتلة ستدخل الخدمة بحلول 2030. الخطوة تأتي في إطار دعم طويل الأمد لتعزيز قدرات بولندا العسكرية في مواجهة التهديدات الروسية.
الموقف الروسي والدولي
وزارة الدفاع الروسية نفت استهداف بولندا ووصفت الحادثة بأنها “ادعاءات غير جديدة”. بينما اعتبر الاتحاد الأوروبي أن ما جرى يمثل “تصعيدًا خطيرًا” في الحرب، حيث قالت وزيرة خارجية الاتحاد كايا كالاس: “ما حدث في بولندا نقطة تحول ويجب أن يقابل بعقوبات أقوى”.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب علّق على التطور قائلًا: “روسيا تنتهك الأجواء البولندية بالطائرات المسيرة؟ ها نحن ذا!”، مؤكدًا لاحقًا التزام واشنطن بالحفاظ على وجود عسكري قوي في أوروبا.
انعكاسات الحرب المستمرة
الهجمات الروسية بالطائرات المسيرة تستمر بشكل يومي في أوكرانيا. الجيش الأوكراني أعلن اعتراض 62 طائرة من أصل 66 خلال ليلة واحدة، فيما ألحقت بقايا الطائرات أضرارًا بمدارس ومساكن وكاتدرائية في مدينة سومي.
كما وقّعت أوكرانيا اتفاقًا مع بريطانيا لإنتاج طائرات مسيرة اعتراضية، ضمن سباق تسلح تقني متسارع في المنطقة.
في النهاية، إن حادثة اختراق الطائرات المسيرة الروسية للمجال الجوي البولندي تمثل تصعيدًا جديدًا في الحرب الأوكرانية، وتكشف عن هشاشة الأمن الأوروبي أمام تهديدات موسكو. في المقابل، تسعى بولندا لتسريع خطط التحديث العسكري وتعزيز تعاونها مع الناتو، في وقت يشهد فيه العالم سباقًا محمومًا لتطوير تقنيات الطائرات المسيرة.