وزعت القوات الإسرائيلية منشورات تحذيرية على سكان حي ناصر غرب مدينة غزة، تطالبهم بمغادرة المنطقة استعداداً لعملية عسكرية مرتقبة. ويعيش الفلسطينيون معضلة صعبة بين البقاء في منازلهم أو النزوح، وسط نقص حاد في المأوى والطعام والأمان في باقي مناطق القطاع.
شهادات من قلب المأساة
أبو أحمد، أب لعدة أطفال، يروي قصته بحزن. منذ عامين، لم يعرف الراحة أو الاستقرار. ومع كل تصعيد جديد، يجد نفسه مضطراً للانتقال من منطقة إلى أخرى. ومع ذلك، لم يعد قادراً على الاحتمال. أطفاله يعيشون في خوف دائم، بينما هو يحاول فقط حمايتهم وسط القصف المستمر. هكذا تتحول حياتهم إلى رحلة نزوح لا تنتهي، ومع كل خطوة، تزداد المعاناة وتقل فرص الأمان.
ضحايا البحث عن الطعام
وفق وزارة الصحة المحلية، قُتل 18 فلسطينياً يوم الخميس، بينهم 11 في غارات على أحياء مختلفة بمدينة غزة، وخمسة في مخيم الشاطئ، واثنان أثناء محاولتهم الحصول على طعام قرب رفح جنوب القطاع.
توسع العمليات العسكرية
الجيش الإسرائيلي أكد أنه استهدف 360 موقعاً خلال الساعات الماضية، شملت بنى تحتية و”غرف عمليات” تابعة لحماس. وأعلن أنه سيواصل التصعيد خلال الأيام المقبلة لضرب ما وصفه بـ”قدرات الحركة العسكرية”. في الوقت نفسه، تشير تقارير إلى أن القوات البرية سيطرت على 40% من أحياء مدينة غزة، بينها الشجاعية والزيتون والتفاح، مع توغلات محدودة في الشيخ رضوان.
نزوح جماعي وأزمة إنسانية خانقة
بحسب تقارير أممية، شهد القطاع أكثر من 845 ألف حركة نزوح داخلي منذ مارس 2025، وكثير من العائلات اضطرت للنزوح مرات عدة. ومع استمرار القصف، يواصل الآلاف الخروج من منازلهم سيراً على الأقدام أو عبر وسائل بدائية، بينما يبقى آخرون لعدم امتلاكهم القدرة المادية على المغادرة.
أبعاد إنسانية خطيرة
منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023 عقب هجوم حماس على إسرائيل، قتل أكثر من 64 ألف فلسطيني بحسب السلطات الصحية، معظمهم من المدنيين. كما أعلنت وزارة الصحة في غزة وفاة سبعة أشخاص إضافيين بينهم طفل خلال 24 ساعة بسبب سوء التغذية، ليرتفع عدد الوفيات الناتجة عن الجوع إلى أكثر من 411 شخصاً، بينهم 142 طفلاً.
مفاوضات التهدئة على المحك
المحادثات التي ترعاها قطر من أجل وقف إطلاق النار تواجه عراقيل كبيرة بعد محاولة إسرائيل استهداف قيادات سياسية لحماس في الدوحة. تقارير إعلامية أكدت أن هذه الضربة تسببت في تلاشي الآمال بإحراز تقدم في ملف تحرير الرهائن.
وفي الوقت ذاته، زادت التوترات بعد هجوم مسلح في القدس أوقع ستة قتلى، ما جعل احتمالات الوصول إلى تسوية سياسية أو إنسانية أكثر تعقيداً.
مع استمرار العمليات العسكرية وتضييق الخناق على المدنيين في غزة، تتعمق المأساة الإنسانية يوماً بعد يوم. النزوح الجماعي، ونقص الغذاء والدواء، وارتفاع أعداد الضحايا، كلها مؤشرات على أزمة غير مسبوقة في القطاع. وبينما يظل الحل السياسي معلقاً في ظل تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، يظل المدنيون هم الخاسر الأكبر، عالقين بين آلة الحرب والحرمان الإنساني، في انتظار أفق يلوح بالسلام والأمان.