شهد جنوب السودان هذا العام تضاعف عدد عمليات خطف عمال الإغاثة مقارنة بالعام الماضي. وأكد مسؤولان إنسانيان بارزان أن أكثر من 30 عامل إغاثة تعرضوا للخطف منذ بداية 2025، في حين سجل عام 2024 نصف هذا الرقم فقط. هذا التصاعد يثير قلق المنظمات الدولية التي تحذر من تهديد مباشر لأنشطتها الحيوية في بلد يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا.
مخاطر جديدة تهدد العمل الإنساني
الأمم المتحدة صنفت جنوب السودان منذ سنوات كأحد أخطر البيئات لعمل المنظمات الإنسانية. لكن بروز الخطف مقابل الفدية يمثل ظاهرة جديدة ومقلقة. ويخشى الخبراء أن تتحول هذه الممارسات إلى أزمة عامة تهدد بتقويض جهود الإغاثة في ولايات مثل الاستوائية الوسطى والغربية.
وفاة عامل إغاثة في الأسر
في مطلع سبتمبر، توفي العامل المحلي جيمس أونغوبا بعد اختطافه في مقاطعة تامبورا بولاية الاستوائية الغربية. وأفاد شهود بأن خاطفيه كانوا يرتدون زي الجيش الوطني، بينما التزمت القيادة العسكرية الصمت حيال الحادثة. هذه الوفاة سلطت الضوء على المخاطر التي يتعرض لها العاملون الميدانيون.
تأثير مباشر على الخدمات الحيوية
عمليات الخطف المتكررة دفعت منظمة أطباء بلا حدود إلى تعليق أنشطتها في بعض المقاطعات بعد اختطاف موظفين أثناء تنقلهم في قوافل وسيارات إسعاف تحمل شعارات واضحة. المنظمات الإنسانية أكدت أن تعليق العمل يحرم مئات الآلاف من المحتاجين على الحدود مع أوغندا والكونغو وأفريقيا الوسطى من المساعدات الطبية والغذائية.
خلفيات سياسية واقتصادية
تصاعد الخطف يتزامن مع اشتداد القتال بين الجيش الحكومي والفصائل المعارضة منذ بداية العام. ويرى محللون أن الصراع على خلافة الرئيس سلفا كير مع تزايد الشكوك حول حالته الصحية ساهم في تفاقم التوتر. كما أدى الانهيار الاقتصادي إلى دفع جماعات مسلحة نحو عمليات الخطف كوسيلة لتمويل نشاطها.
غموض حول هوية الخاطفين
لم يتضح بعد من يقف وراء هذه العمليات. بعض التقديرات تشير إلى مجموعات متمردة مثل حركة الخلاص الوطني التي رفضت اتفاق السلام لعام 2018، بينما يلمح ناشطون مدنيون إلى احتمال تورط عناصر من الجيش أو مليشيات محلية مرتبطة بالمعارضة.
تراجع الدعم الدولي
الأزمة تتفاقم مع تقليص المساعدات الخارجية. إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اتخذت خطوات لتفكيك وكالة التنمية الأميركية USAID التي كانت تمول أكثر من نصف المساعدات الطارئة للبلاد. كما أبدى مانحون أوروبيون نيتهم خفض مساهماتهم، في وقت تتزايد فيه الهجمات على العاملين الإنسانيين عالميًا.
تصاعد عمليات خطف عمال الإغاثة في جنوب السودان لا يهدد فقط أرواح العاملين، بل يعرض حياة ملايين السكان للخطر. ومع تراجع الدعم الدولي واستمرار الصراع المسلح، تواجه البلاد احتمال انهيار كامل للجهود الإنسانية، ما ينذر بكارثة إنسانية أوسع.