أصدرت لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقريراً صادماً يتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. التقرير، الذي استند إلى تحليل قانوني موسع وأدلة موثقة، دعا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف الانتهاكات ومعاقبة المسؤولين عنها.
أعداد الضحايا وتدهور الأوضاع الإنسانية
وفقاً للتقرير الأممي، بلغ عدد القتلى منذ اندلاع الحرب بعد هجمات 7 أكتوبر 2023 نحو 64,905 شخصاً، معظمهم من المدنيين. وفي الوقت نفسه، تضررت البنية التحتية بشكل واسع، حيث تعرضت المستشفيات وشبكات المياه والصرف الصحي لدمار شبه كامل.
وبالإضافة إلى ذلك، انهارت المنظومة الصحية بالكامل، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية. كما توقف التعليم والخدمات الأساسية الأخرى، الأمر الذي زاد من معاناة السكان. ومع استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات، يظل خطر المجاعة يهدد مئات الآلاف بشكل متصاعد.
خلفية التحقيق الأممي
تأسست لجنة التحقيق قبل أربع سنوات لمتابعة الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومنذ هجمات 7 أكتوبر 2023 التي شنتها حركة حماس، كثفت اللجنة عملها لتوثيق جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية. ورغم أن اللجنة لا تملك صلاحيات تنفيذية، فإن نتائجها يمكن أن تُستخدم أمام محكمة الجنايات الدولية أو محكمة العدل الدولية.
أربعة من خمسة معايير للإبادة الجماعية
أكد التقرير أن إسرائيل ارتكبت أربعة من الأفعال الخمسة المنصوص عليها في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948. أولاً، تم قتل عدد كبير من أعضاء الجماعة المستهدفة. وثانياً، تعرض السكان لأضرار جسدية ونفسية خطيرة. كما فُرضت ظروف معيشية قاسية تهدف إلى التدمير المادي للمجتمع. إضافة إلى ذلك، وُضعت سياسات تمنع الولادات داخل المجموعة. أما المعيار الوحيد غير المثبت حتى الآن فيتعلق بنقل الأطفال قسراً إلى جماعة أخرى.
مسؤولية القيادة الإسرائيلية
أشارت اللجنة إلى أن مسؤولية الجرائم تقع على أعلى مستويات القيادة في إسرائيل، وذكرت بالاسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت. كما اتهمت التقرير السلطات الإسرائيلية بالتحريض على ارتكاب الإبادة.
ردود الفعل الإسرائيلية
رفضت إسرائيل التقرير بشكل قاطع ووصفته بأنه “مزيف ومنحاز”، واتهمت أعضاء اللجنة بأنهم يعملون كـ”وكلاء لحماس”. وأكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن هذه الاتهامات ما هي إلا “افتراء دموي معادٍ للسامية”.
تأثيرات على الساحة الدولية
طالبت اللجنة الدول بوقف تصدير السلاح لإسرائيل ومنع أي أنشطة قد تسهم في استمرار الإبادة في غزة. وأكدت أن الصمت الدولي أمام ما يجري يُعتبر مشاركة في الجريمة. في المقابل، أشارت المفوضية العليا لحقوق الإنسان إلى أن الحسم القانوني النهائي بشأن جريمة الإبادة يعود للمحاكم الدولية.
قضايا منظورة أمام محكمة العدل الدولية
تزامن التقرير مع استمرار نظر محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية. كما أعلنت دول مثل إسبانيا والمكسيك وليبيا رغبتها في الانضمام إلى القضية، ما يعزز الضغوط القانونية والدبلوماسية على تل أبيب.
يأتي تقرير الأمم المتحدة ليضيف زخماً جديداً للاتهامات الموجهة إلى إسرائيل بشأن حربها في غزة، مع دعوات متزايدة للتحقيق الدولي والمساءلة القانونية. وبينما تواصل إسرائيل رفضها القاطع، يبقى مستقبل هذه القضية مرهوناً بقرارات المحاكم الدولية وتحركات المجتمع الدولي، خاصة مع تصاعد الجدل حول اتهامات إبادة جماعية في غزة وما تحمله من تبعات قانونية وسياسية على الساحة الدولية.