شهد معرض السيارات الدولي في ميونيخ 2025 مواجهة واضحة بين الشركات الألمانية التقليدية مثل بي إم دبليو (BMW) ومرسيدس (Mercedes)، وبين الشركات الصينية مثل بي واي دي (BYD) وإكس بنغ (Xpeng) وشانغآن (Changan).
فبينما ركزت الشركات الألمانية على الفخامة مثل سيارة بي إم دبليو iX3 ونسخة مطورة من مرسيدس GLC، عرضت الشركات الصينية سيارات كهربائية بأسعار أقل وتقنيات متطورة، ما جعلها أكثر جذبًا للجمهور.
حرب أسعار خانقة داخل الصين
أشعل فائض الإنتاج الكبير في الصين حرب أسعار قوية بين أكثر من 130 شركة محلية. ومع اشتداد المنافسة، انخفض متوسط سعر السيارة بنسبة 19% خلال عامين ليصل إلى 165 ألف يوان، أي ما يعادل نحو 23 ألف دولار.
ومع ذلك، وصلت بعض التخفيضات في طرازات محددة إلى 35%. وفي الوقت نفسه، ورغم أن المبيعات ارتفعت بنسبة 7% لتبلغ 24 مليون مركبة في عام 2025، فإن أرباح القطاع تراجعت بشكل ملحوظ بنسبة 12%، لتسجل حوالي 178 مليار يوان فقط.
خسائر للشركات رغم المبيعات
حتى الشركات الناجحة لم تتمكن من النجاة من تداعيات الأزمة. فقد سجلت شركة جيلي انخفاضًا في أرباحها بنسبة 14% خلال النصف الأول من العام. وفي المقابل، تكبدت شركة بي واي دي خسارة بلغت 30% من أرباحها الفصلية، رغم أنها حققت زيادة في الإيرادات وصلت إلى 14%. وهكذا يتضح أن ضغط الأسعار المتواصل يهدد حتى أكبر اللاعبين في سوق السيارات الصينية.
تراجع الأجانب في السوق الصينية
كانت الشركات الأجنبية مثل فولكسفاغن (Volkswagen) وتويوتا (Toyota) وهوندا (Honda) تهيمن على السوق الصينية لسنوات طويلة. ومع ذلك، تراجعت هيمنتها بشكل واضح مع صعود الشركات المحلية. فقد ارتفعت حصة العلامات الصينية من 34% عام 2020 إلى 69% في عام 2025.
وفي هذا السياق، تعيش شركات مثل نيسان (Nissan) انهيارًا كبيرًا، بينما تحاول تويوتا الصمود، لكنها تفقد حصتها تدريجيًا أمام المنافسين المحليين.
تدخل حكومي لوقف النزيف
تدخلت الحكومة الصينية للحد من حرب الأسعار عبر إلزام الشركات بتسديد مستحقات الموردين ومنع التخفيضات المفرطة. ومع ذلك، استمرت العروض عبر وسائل بديلة مثل التمويل بفائدة صفرية أو شحن مجاني.
صادرات صينية تغزو أوروبا
بسبب حدة المنافسة في السوق المحلية، اتجهت الشركات الصينية إلى التوسع نحو أوروبا بحثًا عن فرص أكبر. وخلال الفترة بين 2021 و2024 ارتفعت صادرات السيارات الصينية بمعدل 4 أضعاف. وفي النصف الأول من عام 2025 وحده، تمكنت الصين من تصدير 3.5 مليون سيارة، أي بزيادة بلغت 18% مقارنة بالعام السابق.
ومع ذلك، ورغم فرض رسوم جمركية أوروبية مرتفعة، ارتفعت حصة السيارات الصينية في أوروبا الغربية لتصل إلى 5.2% بدلًا من 3.1% فقط في العام الماضي.
مستقبل المنافسة العالمية
تظهر المؤشرات أن الشركات الصينية مثل بي واي دي BYD وجيلي Geely وشيري Chery قادرة على الاستمرار، بينما تعزز شركات التكنولوجيا مثل هواوي Huawei وشاومي Xiaomi حضورها في سوق السيارات. كما يؤكد محللون أن استمرار حرب الأسعار سيجعل الشركات الصينية أكثر قوة وابتكارًا، في حين ستبقى الشركات الغربية في موقف دفاعي صعب.
تؤكد تطورات سوق السيارات أن الصين أصبحت لاعبًا حاسمًا في صناعة السيارات الكهربائية. بفضل الأسعار التنافسية والقدرة الإنتاجية الهائلة، تستعد الشركات الصينية لتوسيع نفوذها عالميًا على حساب الشركات الغربية التي تواجه مستقبلًا صعبًا في أكبر سوق بالعالم.