استأنف العراق يوم السبت تصدير النفط الخام من إقليم كردستان شبه المستقل إلى تركيا عبر خط أنابيب كركوك-جيهان بعد توقف استمر أكثر من عامين ونصف. وأعلنت وزارة النفط العراقية أن التدفقات بدأت في الساعة السادسة صباحًا بالتوقيت المحلي، مؤكدة أن العمليات تمت بسلاسة ودون تسجيل أي مشكلات فنية بارزة.
خلفية قانونية للتوقف
توقفت التدفقات في مارس 2023 بعد قرار من غرفة التجارة الدولية ألزم تركيا بدفع 1.5 مليار دولار كتعويض لبغداد عن صادرات نفط غير مصرح بها من قبل سلطات الإقليم. وبحسب تقديرات اقتصادية، خسر العراق خلال فترة التوقف أكثر من 35 مليار دولار من الإيرادات النفطية، ما أثر بشكل كبير على ميزانيته والاقتصاد المحلي.
تفاصيل الاتفاق المؤقت
جاء استئناف التصدير بعد اتفاق مبدئي بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان والشركات الأجنبية العاملة في المنطقة. ووفقًا للاتفاق، سيتم تصدير ما بين 180 ألفًا و190 ألف برميل يوميًا إلى ميناء جيهان التركي. كما التزمت حكومة الإقليم بتسليم ما لا يقل عن 230 ألف برميل يوميًا إلى شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، مع تخصيص 50 ألف برميل للاستهلاك المحلي.
مواقف الشركات النفطية
أعلنت شركة النفط النرويجية DNO أنها لن تستخدم خط الأنابيب فورًا، مفضلة الاستمرار في بيع النفط مباشرة للمشترين المحليين. وأكدت الشركة أن ديونًا متراكمة على حكومة الإقليم، تُقدر بحوالي مليار دولار، يجب تسويتها قبل استئناف التصدير الكامل. مع ذلك، قد يستخدم مشترون مستقلون خط الأنابيب لنقل النفط، ما يتيح تدفقات إضافية رغم تحفظات بعض الشركات.
الضغوط الأميركية ودور أوبك
ضغطت الولايات المتحدة لإعادة تدفق النفط الكردي إلى الأسواق العالمية في وقت تعمل فيه منظمة أوبك+ على زيادة إنتاجها لتعزيز حصصها السوقية. ومن المتوقع أن تصل الكميات المصدرة تدريجيًا إلى 230 ألف برميل يوميًا، ما يرفع صادرات العراق الإجمالية إلى نحو 3.6 مليون برميل يوميًا، مع بقائها ضمن حصته في أوبك البالغة 4.2 مليون برميل يوميًا.
الأبعاد الاقتصادية والسياسية
أكد ممثل العراق في منظمة أوبك محمد النجار أن بلاده تمتلك القدرة على تصدير كميات إضافية، خاصة مع المشاريع الجديدة في ميناء البصرة. وأوضح أن الدول الأعضاء في المنظمة لها الحق في المطالبة بزيادة حصصها إذا ارتفعت طاقتها الإنتاجية.
معالجة الديون العالقة
تضمن الاتفاق آلية مالية تقضي بتحويل 16 دولارًا عن كل برميل يباع إلى حساب ضمان يتم من خلاله توزيع الحصص على الشركات المنتجة، بينما تذهب الإيرادات المتبقية إلى شركة سومو. كما اتفقت حكومة الإقليم مع ثماني شركات نفطية على عقد اجتماع خلال 30 يومًا لمناقشة سبل تسوية الديون المتراكمة، والتي تُقدر بحوالي مليار دولار، منها 300 مليون دولار مستحقة لشركة “دي إن أو” النرويجية.
أهمية خط كركوك – جيهان
يعتبر خط كركوك-جيهان واحدًا من أهم شرايين تصدير النفط العراقي، حيث يمتد لمسافة 600 ميل تقريبًا وصولًا إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط. وقد تعرض الخط في السابق لهجمات متكررة وتوقفات فنية، ما يجعله محورًا استراتيجيًا في معادلة الطاقة الإقليمية.