كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة سلام خاصة بغزة تتضمن إنشاء دولة فلسطينية. لكن في الضفة الغربية، حيث يُفترض أن تتحقق هذه الرؤية، يعيش الفلسطينيون واقعاً اقتصادياً يهدد جدوى قيام الدولة. فمع توسع المستوطنات الإسرائيلية التي تعيق حركة التجارة والنقل، ووقف تحويلات الضرائب من إسرائيل، إضافة إلى تجميد دخول العمال الفلسطينيين منذ اندلاع حرب غزة، يواجه الفلسطينيون أزمة معيشية خانقة تضع مستقبل الدولة المنتظرة على المحك.\
تعمق الأزمة المعيشية للأسر
يعاني الفلسطينيون من تراجع مداخيلهم بشكل حاد. رامي حروفوش، الذي فقد عمله في إسرائيل، لم يعد قادراً على شراء جهاز سمعي لابنه. يقول بحسرة: “نفكر مرتين قبل إنفاق أي شيكل”. هذه الشهادة تجسد معاناة آلاف الأسر التي فقدت مصدر رزقها الأساسي.
الجدل حول جدوى الدولة الفلسطينية
رغم أن ترامب حصل على دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أن الخطة تواجه عقبات كبيرة. حركة حماس لم تعلن قبولها بعد، بينما يتصاعد الشك حول قدرة السلطة الفلسطينية على إدارة كيان مستقل وسط أزمة مالية خانقة. كما حذر تقرير البنك الدولي من أن استمرار الضغوط قد يؤدي إلى “انهيار مالي كامل”، في ظل تآكل قاعدة الإيرادات وتراجع قدرة السلطة على تقديم الخدمات الأساسية.
تراجع ثقة الفلسطينيين بالسلطة
الكثير من الفلسطينيين فقدوا ثقتهم بالسلطة الفلسطينية. رامي ثولاثين، الذي كان يعمل في مواقع البناء داخل إسرائيل، لم يعد يجد عملاً منذ تعليق تصاريح العمل بعد هجوم 7 أكتوبر 2023. يؤكد أن السلطة عاجزة عن خلق فرص عمل أو تحسين الخدمات الصحية، قائلاً: “لا أحد يهتم بنا، لا السلطة ولا النقابات”.
حجب إسرائيل لأموال الضرائب
بموجب الترتيبات القائمة، تجمع إسرائيل الضرائب نيابة عن السلطة وتحولها شهرياً. لكن منذ مايو 2025، جمدت وزارة المالية الإسرائيلية أكثر من 10 مليارات شيكل، ما دفع السلطة إلى خفض رواتب موظفيها تدريجياً من 70% إلى 50%. كما أقر وزير التخطيط الفلسطيني، استيفان سلامة، بأن كل الحلول الداخلية استنفدت، محذراً من فقدان القدرة على دفع الرواتب أو التزامات الخدمات العامة.
الشباب يواجه مستقبلاً غامضاً
تتعمق الأزمة أيضاً في قطاع الاتصالات، حيث تمول إسرائيل بناء أبراج جديدة لتعزيز شبكاتها داخل الضفة، مما يفاقم الفجوة الرقمية. أما الشباب الفلسطينيون، فيرون مستقبلهم ضبابياً. تقول لينا (22 عاماً)، خريجة جامعة بيرزيت: “لا أملك صديقة واحدة لا تفكر في الهجرة”. شهادتها تلخص شعور جيل كامل يعيش بين البطالة وفقدان الأمل.
في النهاية، تتعارض خطة ترامب لإقامة دولة فلسطينية مع واقع اقتصادي ينهار يوماً بعد يوم في الضفة الغربية. غياب الاستقرار المالي، وحجب أموال الضرائب، وفقدان فرص العمل، كلها عوامل تجعل حلم الدولة بعيد المنال. وبينما تتواصل الضغوط الدولية لإحياء حل الدولتين، يبقى الفلسطينيون عالقين بين رؤية سياسية لا تجد سنداً اقتصادياً، وواقع معيشي يزداد قسوة.