في خطوة مفصلية تُعيد رسم خريطة صناعة الألعاب عالميًا، أعلنت شركة إلكترونيك آرتس (Electronic Arts)، المطورة لسلاسل شهيرة مثل Battlefield و EA Sports FC، عن تحولها إلى شركة خاصة بعد إتمام صفقة استحواذ قياسية بلغت قيمتها 55 مليار دولار. وتعتبر هذه العملية أكبر صفقة استحواذ ممول (Leveraged Buyout) في التاريخ، متجاوزةً استحواذ TXU Energy عام 2007 البالغ 45 مليار دولار.
تفاصيل الصفقة وقيمتها القياسية
بلغت قيمة الصفقة 210 دولارات للسهم نقدًا، ما يعكس زيادة بنسبة 25% عن سعر الإغلاق قبل الإعلان الرسمي. وجاء التمويل عبر مزيج من حقوق الملكية والدين، مما عزز قوة العرض. فمن جهة، ضخ صندوق الاستثمارات العامة السعودي حصته الحالية البالغة 9.9% إلى جانب مساهمات نقدية، ليصل حجم الاستثمار في حقوق الملكية إلى نحو 36 مليار دولار.
ومن جهة أخرى، التزمت جي بي مورجان (JPMorgan) بتقديم قرض تاريخي بلغت قيمته 20 مليار دولار، وهو الأكبر في تاريخ صفقات الاستحواذ. وبالإضافة إلى ذلك، جرى تمويل الصفقة بالكامل من رؤوس الأموال الخاصة للشركاء، بقيادة الصندوق السيادي السعودي، إلى جانب سيلفر ليك بارتنرز وأفينيتي بارتنرز، ما يعكس ثقة المستثمرين في مستقبل الشركة بعد التحول.
إستراتيجية إلكترونيك آرتس للتحول إلى شركة خاصة
تواجه صناعة الألعاب الإلكترونية تباطؤًا بعد الطفرة التي شهدتها خلال جائحة كورونا. وتعاني إلكترونيك آرتس من تراجع المبيعات واتجاه اللاعبين نحو الألعاب المجانية بالتحديثات المستمرة بدلًا من شراء الألعاب الكاملة بأسعار مرتفعة.
لذلك جاء قرار التحول إلى شركة خاصة لتخفيف الضغوط الناتجة عن نتائج الأرباع السنوية ومطالب المستثمرين. ومع ذلك، ورغم هذه التحديات، ما زالت الشركة تمتلك سلاسل ناجحة تواصل تعزيز مكانتها، مثل EA Sports FC وThe Sims وMadden NFL. وإضافة إلى ذلك، يتوقع المحللون أن تمنح اللعبة المرتقبة Battlefield 6، المقرر إطلاقها في أكتوبر المقبل، دفعة قوية للشركة في السوق، لتعيد ترسيخ حضورها العالمي وتفتح آفاقًا جديدة للنمو.
الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة السعودي
يمثل هذا الاستحواذ أضخم رهان لصندوق الاستثمارات العامة السعودي في قطاع الألعاب الإلكترونية، بعد صفقاته السابقة مثل شراء شركة سكوبلي (Scopely) بـ4.9 مليارات دولار عام 2023.
وتتماشى الصفقة مع رؤية السعودية 2030 التي تستهدف تنويع الاقتصاد وتعزيز النفوذ في الصناعات الرقمية والثقافية. ويرى خبراء أن الألعاب باتت “اللغة العالمية للشباب”، ما يمنح المملكة تأثيرًا مباشرًا في صناعة قيمتها تتجاوز 178 مليار دولار عالميًا.
تصريحات المسؤولين
أكد تركي النويصر، نائب محافظ الصندوق ورئيس الاستثمارات الدولية، أن هذه الشراكة ستدعم نمو إلكترونيك آرتس على المدى الطويل، وتغذي الابتكار عالميًا. ومن جهته، وصف أندرو ويلسون، الرئيس التنفيذي للشركة، الصفقة بأنها اعتراف بعمل فرق التطوير التي صنعت حقوق ملكية فكرية تُعد من الأشهر في العالم.
بداية مرحلة جديدة
يشكل استحواذ الصندوق السيادي السعودي على إلكترونيك آرتس تحولًا إستراتيجيًا يعكس انتقال الاستثمارات السعودية من النفط إلى الأصول الرقمية وقطاعات الترفيه التفاعلي. ومع هذا التمويل القياسي، تستعد الشركة لمرحلة جديدة من النمو والابتكار، فيما ترسخ المملكة مكانتها كقوة عالمية رائدة في صناعة الألعاب الإلكترونية.