اجتاحت مياه النيل الأزرق والنيل الأبيض مناطق واسعة في السودان، مهددة حياة آلاف المواطنين. وأدت الفيضانات إلى تدمير مزارع وممتلكات في ولاية الجزيرة والمناطق المجاورة، ما جعل آلاف الأسر في حاجة ماسة إلى مأوى وغذاء وأدوية. كما عطلت الأمطار الغزيرة حركة السكان في المناطق المنخفضة وأجبرت بعضهم على النزوح.
تدمير المزارع والبنية التحتية
تسببت السيول في أضرار جسيمة للمزارع والبنية التحتية، حيث فقدت العديد من الأسر مصدر رزقها الأساسي. وشهدت ولاية الجزيرة تدميراً واسعاً للأراضي الزراعية، ما يهدد الأمن الغذائي المحلي ويزيد من حدة الأزمة الاقتصادية.

تفاقم المعاناة الصحية
ارتفعت المخاطر الصحية مع انتشار الأمراض نتيجة المياه الراكدة. وسجلت السلطات السودانية آلاف الإصابات بالكوليرا في ولايات الجزيرة وخافض النيل، مع وقوع وفيات. كما ظهرت حالات حمى الضنك والملاريا، ما ضاعف الضغط على القطاع الصحي الضعيف.
عرقلة حركة السكان والإغاثة
أوقفت مياه الفيضانات حركة النقل داخل المناطق المتضررة، ما صعّب وصول المساعدات الإنسانية. كما عانت فرق الإنقاذ والإغاثة من تحديات كبيرة في التنقل وإيصال المؤن إلى الأسر المتضررة. وزادت الأزمة في مدن مثل الفاشر التي تعاني أصلاً من نقص حاد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب.
كما أطلقت إدارة الكوارث والسلطات المحلية تحذيرات عاجلة، مطالبة السكان باتخاذ أقصى درجات الحذر مع استمرار ارتفاع منسوب المياه. وأكدت أن السيول تهدد المنازل والبنية التحتية وقد تؤدي إلى تشريد المزيد من العائلات.
المبادرات المحلية تواجه صعوبات
حاولت المبادرات المحلية والشبابية تشييد حواجز ترابية لحماية المنازل، إلا أن ضعف الإمكانات حال دون الحد من الأضرار. وأكدت هذه الجهود محدودية الاستجابة المحلية أمام قوة السيول واتساع رقعة الكارثة.

المنظمات تدعو لدعم عاجل
طالبت المنظمات الإنسانية والدولية بتقديم دعم عاجل للسودان لتوفير المأوى والغذاء والدواء، محذرة من أن استمرار الفيضانات سيزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية. وأشارت إلى أن الأزمة الراهنة تتطلب استجابة دولية عاجلة للحد من المعاناة.
هشاشة البنية التحتية
أبرزت الفيضانات هشاشة البنية التحتية السودانية أمام الكوارث الطبيعية، وأكدت الحاجة إلى وضع إستراتيجيات وقائية طويلة المدى للحد من آثار الكوارث المائية وحماية المجتمعات المحلية من التهديدات المستقبلية.

كارثة تاراسين في دارفور
في موازاة الفيضانات، شهدت جبال المره في دارفور انهيارًا أرضيًا في قرية تاراسين في أغسطس 2025، ما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص وتدمير القرية بالكامل. بعض التقديرات تحدثت عن أكثر من 1,500 ضحية، في أكبر كارثة طبيعية تشهدها المنطقة منذ عقود.
جدل حول دور سد النهضة
أثار بعض الخبراء تساؤلات حول تأثير سد النهضة الإثيوبي على الفيضانات. بينما نفت إثيوبيا أن يكون للسد دور سلبي، مؤكدة أنه خفّف من تدفق المياه، اعتبرت جهات سودانية أن فتحات التصريف قد ساهمت في ارتفاع منسوب النيل الأبيض.
في النهاية، تُظهر الفيضانات الأخيرة في السودان حجم التحديات التي تواجهها البلاد في ظل الكوارث الطبيعية المتكررة وتداعياتها الإنسانية والاقتصادية والصحية. فقد كشفت هذه الكارثة هشاشة البنية التحتية وضعف قدرات الاستجابة المحلية، وأكدت الحاجة الملحة إلى دعم دولي عاجل واستراتيجيات وقائية طويلة الأمد. وبينما تستمر الأمطار والسيول في تهديد حياة آلاف الأسر، تبقى المساعدات الإنسانية والتضامن الإقليمي والدولي السبيل الوحيد لتخفيف معاناة المتضررين وبناء قدرة مجتمعية أكثر صمودًا في مواجهة الأزمات المقبلة.