أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة لإنهاء حرب غزة، مشيراً إلى إمكانية التوصل إلى مسار يقود نحو دولة فلسطينية. لكن هذه الرؤية اصطدمت بواقع ميداني مغاير في الضفة الغربية، حيث تواصل إسرائيل شق طرق استيطانية جديدة وحفر أراضٍ فلسطينية لصالح مشاريع استيطانية واسعة.
طرق استيطانية تعزل القرى الفلسطينية
في قرية بيت أور الفوقا قرب رام الله، شاهد أشرف سمارة، عضو مجلس القرية، جرافات إسرائيلية محاطة بحراسة مشددة وهي تشق طرقاً جديدة. وأوضح أن الهدف من هذه الخطوات هو “منع السكان من الوصول إلى أراضيهم وحصار القرى الفلسطينية داخل مساحات ضيقة”، ما يضاعف القيود على حرية التنقل والوصول إلى الأراضي الزراعية.
توسع استيطاني متسارع رغم الاعتراف الدولي
رغم أن دولاً أوروبية كبرى مثل بريطانيا وفرنسا أعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية في سبتمبر 2025، فإن حكومة بنيامين نتنياهو تواصل تسريع وتيرة الاستيطان. وتشير بيانات إلى أن إسرائيل أقرت مشاريع ضخمة لبناء مستوطنات وشبكات طرق، مع تخصيص أكثر من 7 مليارات شيكل (2.11 مليار دولار) منذ أكتوبر 2023.
ناشطون يحذرون من فرض واقع جديد
أكدت حاجيت عوفران من حركة “السلام الآن” أن شق الطرق هدفه “فرض حقائق على الأرض”، مضيفة أن هذه البنية التحتية تُهيئ لاستقبال مليون مستوطن جديد في الضفة. كما يرى خبراء أن الطرق تمثل العمود الفقري لخطة توسيع المستوطنات، بحيث تجذب المزيد من المستوطنين بشكل “طبيعي” مع توفر البنية اللازمة.
الأمم المتحدة توسع “القائمة السوداء”
أعلنت الأمم المتحدة في أكتوبر 2025 إضافة 68 شركة جديدة من 11 دولة إلى “القائمة السوداء” للشركات المتهمة بالتورط في دعم الاستيطان وانتهاكات حقوق الإنسان. وبذلك ارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 158، في خطوة تزيد الضغط الدولي على إسرائيل.
تصريحات ترامب تثير الجدل
رغم إعلانه عن خطة لإنهاء الحرب، شدد ترامب على رفضه السماح بضم الضفة الغربية رسمياً. ومع ذلك، أثار هذا الموقف خلافات داخل إسرائيل، حيث صعّدت الأحزاب اليمينية المتشددة ضغوطها للمضي قدماً في التوسع الاستيطاني. ومن ثم تصاعد الجدل السياسي بين مؤيدين يرون في القرار تنازلاً، ومعارضين يحذرون من تداعيات ضم الأراضي على مستقبل التسوية.
تسارع في الموافقات وهدم المنازل
أظهرت تقارير دولية أن وتيرة الموافقات على بناء المستوطنات تسارعت بشكل غير مسبوق منذ 2023. كما هدمت إسرائيل خلال 2025 نحو 783 مبنى فلسطينيًّا في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ما أدى إلى تهجير أكثر من 1,119 شخصًا، وفق تقارير أممية. ومنذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، بلغ عدد المنازل المهدمة أكثر من 2,900 منزل.
عمليات عسكرية ونزوح واسع
إلى جانب الاستيطان، نفذت إسرائيل عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية مطلع 2025 حملت اسم “الجدار الحديدي”، استهدفت مدناً ومخيمات مثل جنين وطولكرم، كما أسفرت هذه العمليات عن نزوح ما يقارب 40,000 فلسطيني، وزادت من التوترات الميدانية في الضفة.
تصريحات إسرائيلية تنسف أي أفق سياسي
سبق خطة ترامب إعلان نتنياهو أن “لن تكون هناك دولة فلسطينية”، بالتزامن مع مصادقته على مشروع استيطاني ضخم يربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس. فيما اعتبر وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش أن هذه المشاريع “تدفن نهائياً فكرة الدولة الفلسطينية”.
فى النهاية، تواصل إسرائيل فرض واقع جديد على الأرض عبر توسيع الاستيطان، شق الطرق، وهدم المنازل. هذا الواقع يزيد من تعقيد فرص قيام دولة فلسطينية مستقبلية، ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لترجمة الاعترافات الرمزية إلى خطوات عملية توقف التوسع الاستيطاني.