تتحرك أوكرانيا بخطوات طموحة نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن الطريق يبدو طويلاً وشائكاً. فبينما تحاول كييف تلبية المعايير الأوروبية الصارمة، تعيق المجر تقدمها في المفاوضات بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الأقليات المجرية. وقد زارت مفوضة الاتحاد الأوروبي للتوسع، مارتا كوس، أوكرانيا مؤخراً في محاولة لتخفيف التوترات وطمأنة المجتمع الأوروبي بشأن التزام كييف بالإصلاحات.
أمل الأوكرانيين في المستقبل الأوروبي
يرى ملايين الأوكرانيين في عضوية الاتحاد الأوروبي بوابة نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً. فمنذ استقلال البلاد عام 1991 بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، أصبحت أوروبا الغربية رمزاً للتقدم والحرية. لكن طريق الإصلاحات لا يزال طويلاً، فقد أثارت محاولات الحكومة الصيف الماضي للحد من استقلال الهيئات الرقابية قلق العواصم الأوروبية، ما سلط الضوء على التحديات القانونية والمؤسساتية التي تواجه البلاد.
تمسك الاتحاد الأوروبي بسيادة القانون والإصلاح
أكد مسؤولو الاتحاد الأوروبي خلال زيارتهم الأخيرة لكييف أن احترام سيادة القانون يمثل شرطاً أساسياً للانضمام إلى المنظومة الأوروبية. كما أشارت المفوضة كوس إلى أن الاتحاد “لا يمكنه قبول عضو جديد لا يلتزم تماماً بسيادة القانون”، مؤكدة أن المرحلة المقبلة ستتطلب عملاً شاقاً في مجالات الاقتصاد، والزراعة، والبيئة، والإدارة العامة.
خلاف أوروبي حول الموقف المجري
أعرب عدد من القادة الأوروبيين عن استعدادهم لتجاوز معارضة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، إذا واصلت أوكرانيا تنفيذ الإصلاحات المقررة. وقالت رئيسة وزراء الدنمارك، ميته فريدريكسن، إن “مستقبل أوروبا لا يمكن أن يحدد من قبل دولة واحدة”، مشددة على ضرورة الاستمرار في العمل مع كييف على مسار الإصلاحات رغم العقبات السياسية.

إصلاحات مستمرة رغم الحرب
تواصل أوكرانيا تنفيذ إصلاحات في قطاعات متعددة رغم ظروف الحرب الصعبة. وأكد نائب رئيس الوزراء الأوكراني لشؤون التكامل الأوروبي، تاراس كاتشكا، أن بلاده “ستواصل تنفيذ الإصلاحات بما يتماشى مع التزاماتها الدولية”. ويرى مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن الإرادة الشعبية الأوكرانية تدعم بوضوح هذا المسار، رغم التساؤلات حول مدى سرعة وكفاءة تطبيق تلك الإصلاحات.
طريق طويل نحو الانضمام
صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، بأن أوكرانيا قد تنضم إلى الاتحاد قبل عام 2030 إذا واصلت وتيرة الإصلاح الحالية. إلا أن بعض الدبلوماسيين الأوروبيين يشككون في هذا التقدير، معتبرين أن العملية “معقدة وطويلة بطبيعتها”.
وفي الوقت الحالي، تظل المعارضة المجرية العائق المباشر أمام التقدم في مفاوضات الانضمام، بينما يواصل مسؤولو الاتحاد دراسة سبل تخطي هذا المأزق دون الإخلال بقواعد الإجماع الأوروبي.
مستقبل العلاقات الأوكرانية الأوروبية
أظهر استطلاع “اليوروباروميتر” الأخير أن 52% من الأوروبيين يؤيدون انضمام أوكرانيا شريطة استيفائها جميع المعايير، في حين يعارض 41% هذه الخطوة. وما بين مؤيدين متحمسين في السويد بنسبة 91%، ومعارضين في دول مثل فرنسا والتشيك، يبقى أمام الاتحاد وقت كافٍ لمعالجة المخاوف المختلفة وشرح فوائد توسيع الاتحاد شرقاً.
في النهاية، تواصل أوكرانيا السير في طريق طويل نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مدفوعة برغبة شعبية عميقة في الانتماء إلى الفضاء الأوروبي، ومقيدة في الوقت نفسه بعقبات سياسية وإصلاحية معقدة. وبين ضغوط الحرب واعتراضات المجر ومتطلبات الاتحاد الصارمة، تبدو الرحلة شاقة لكنها ليست مستحيلة. يظل الأمل الأوكراني معلقًا على قدرة كييف على ترسيخ سيادة القانون واستكمال الإصلاحات المطلوبة، فيما يواجه الاتحاد الأوروبي اختبارًا حقيقيًا لوحدته وقدرته على دعم دولة تحاول الانضمام في واحدة من أكثر المراحل حساسية في تاريخه.