تتحرك الأنظار اليوم نحو منتجع شرم الشيخ المصري، حيث تبدأ جولة مفاوضات حساسة بين مسؤولين من إسرائيل وحماس برعاية مصرية وأميركية، في محاولة لوقف الحرب الدامية التي أنهكت غزة منذ عامين. تأتي هذه المباحثات وسط ضغوط دولية متزايدة لإقرار هدنة شاملة تضع حدًا للقتال، وتفتح الباب أمام صفقة لتبادل الأسرى وإطلاق الرهائن، في وقت يعيش فيه سكان القطاع واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية.
بدء المحادثات في شرم الشيخ
وصل وفد حركة حماس برئاسة خليل الحية إلى مصر، استعدادًا للمحادثات التي تُجرى بوساطة مصرية. ومن المقرر أن يصل الوفد الإسرائيلي، برئاسة المفاوض رون ديرمر، اليوم الاثنين بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ستتناول المفاوضات المرحلة الأولى من الاتفاق، وتشمل انسحابًا جزئيًا للقوات الإسرائيلية من غزة، بالإضافة إلى تبادل الأسرى بين الجانبين، حيث يتم الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
مشاركة أمريكية في التفاوض
ذكرت صحيفة الأهرام المصرية أن المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس السابق دونالد ترامب جاريد كوشنر، سينضمان إلى المفاوضات. كما تأتي هذه الخطوة بعد إعلان حماس موافقتها على بعض بنود الخطة الأمريكية للسلام، وهو ما رحبت به واشنطن وتل أبيب.
تنص الخطة على إفراج حماس عن 48 أسيرًا، منهم نحو 20 على قيد الحياة، خلال ثلاثة أيام، بالإضافة إلى التخلي عن الحكم ونزع السلاح.
ضغوط لوقف القصف
أوضح الجيش الإسرائيلي أن وقف القصف سيسهل عملية الإفراج عن المحتجزين، مشيرًا إلى أنه ينفذ حاليًا عمليات دفاعية فقط لحماية قواته. منذ إعلان ذلك، استشهد عشرات الفلسطينيين في ضربات تم تنفيذهل السبت الماضي، كما أعلن الجيش أنه قضى على “خلية إرهابية” كانت تجهز لهجوم باستخدام عبوات ناسفة وقذائف هاون ضد القوات الإسرائيلية، ودمر موقعًا أُطلق منه صاروخ مضاد للدبابات.
الخلفية الإنسانية للأزمة
بدأت الحرب في 7 أكتوبر 2023، حين شنت كتائب القسام عملية أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل، معظمهم مدنيون، وأسر 251 شخصًا. على مدى العامين الماضيين، أفرجت حماس عن معظم المحتجزين ضمن اتفاقات هدنة.
وفقًا لوزارة الصحة في غزة، بلغ عدد ضحايا الحرب 67,139 شخصًا حتى الأحد، بينهم نساء وأطفال يمثلون نحو نصف القتلى، فيما تجاوز عدد الجرحى 170,000.
حياة المدنيين في ظل الحرب
في مخيمات النزوح، يعيش الأطفال الذين وُلدوا مع بداية الحرب بين القصف والخوف وانعدام الأمان. كما تكافح الأسر للبقاء وسط ظروف معيشية صعبة ونقص في الغذاء والرعاية. في خيمة صغيرة بمخيم النصيرات، تحاول رولا صقر رعاية ابنتها مسا التي تبلغ عامين وتعاني سوء تغذية حاد منذ شهور، إذ لا يتجاوز وزنها ثمانية كيلوغرامات. حيث تمتلك العائلة القليل من الأثاث وبعض الأدوات البسيطة، فيما يخيم القلق على الأم التي تخشى على حياة طفلتها كل يوم.
وفي خيمة أخرى، تتحدث أمل الطويل عن معاناة طفلها علي الذي حُرم من أبسط حقوقه في اللعب والنظافة والرعاية الصحية، مؤكدة أن حياة النزوح دمّرت أحلامها في تربية طفلها بسلام وأمان. ورغم قسوة الظروف، تظل الأمهات متمسكات بالأمل في أن تنتهي الحرب، ويبدأ أطفالهن حياة جديدة خالية من الخوف والنزوح.
في النهاية، ومع اقتراب الذكرى الثانية للحرب على غزة، تبدو المفاوضات في شرم الشيخ محاولة جديدة لكسر دائرة العنف وفتح باب الأمل أمام المدنيين المنهكين. وبينما تتواصل الجهود للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، يظل مصير آلاف العائلات معلّقًا بقرار سياسي قد ينهي معاناتهم أو يمددها. وفي انتظار نتائج هذه المحادثات، يعيش سكان القطاع على أمل أن تثمر هذه الجولة عن هدنة حقيقية تعيد لهم ما فقدوه من أمنٍ وكرامةٍ وحياةٍ طبيعية.