وسط تقلبات حادة في أسواق الطاقة الدولية، اتخذ تحالف أوبك+ قرارًا حذرًا بالاكتفاء بزيادة محدودة في إنتاج النفط خلال شهر نوفمبر، في ظل تزايد المخاوف من فائض عالمي في المعروض النفطي قد يضغط على الأسعار.
وأكدت مصادر من داخل التحالف أن القرار جاء بعد رصد ارتفاع الإمدادات من خارج أوبك وتباطؤ نمو الطلب العالمي على الوقود، ما دفع المنتجين إلى اتباع سياسة أكثر تحفظًا للحفاظ على استقرار السوق العالمية للنفط.
زيادة طفيفة تعكس حذر المنتجين
حددت أوبك+ زيادة قدرها 137 ألف برميل يوميًا فقط لشهر نوفمبر، وهي الزيادة الشهرية الأصغر منذ بدء خطة رفع الإنتاج في أبريل الماضي. كما أضافت المصادر أن التحالف ناقش عدة خيارات، لكنه اختار الزيادة الأدنى لتفادي ضغوط السوق، ورفضت منظمة أوبك التعليق رسميًا، كما لم يصدر رد من الجانب السعودي حتى الآن.
الأسواق تتفاعل بانخفاض الأسعار
تراجعت أسعار خام برنت بنسبة 8% لتصل إلى ما دون 65 دولارًا للبرميل الأسبوع الماضي، بعد تقارير أشارت إلى نية أوبك+ زيادة الإنتاج بوتيرة أكبر. ومنذ أبريل، يتداول خام برنت بين 60 و70 دولارًا، بعدما كان قد تجاوز 82 دولارًا في بداية عام 2025. كما يرى محللون في شركة “ريستاد إنرجي” أن قرار أوبك+ الأخير يعكس محاولة التوازن بين استقرار الأسعار والحفاظ على حصتها السوقية.
تغير هيكل السوق يشير إلى احتمال فائض
كشفت بيانات السوق أن هيكل العقود الآجلة للنفط يشير إلى احتمالية فائض في المعروض خلال الأشهر المقبلة. كما تراجع الفارق بين السعر الفوري وعقود الستة أشهر المقبلة إلى 39 سنتًا للبرميل، وهو الأدنى منذ شهر مايو، ما يعكس تقلص الطلب مقارنة بالإمدادات.
السعودية تسعى لاستعادة حصتها السوقية
أكدت مصادر مطلعة أن السعودية، القائد الفعلي لتحالف أوبك+، تحاول حاليًا استعادة حصتها السوقية من المنتجين المنافسين، بدل التركيز على رفع الأسعار. ومنذ أبريل، بلغت زيادات إنتاج أوبك+ أكثر من 2.7 مليون برميل يوميًا، أي ما يعادل نحو 2.5% من الطلب العالمي، إلا أن العديد من الدول الأعضاء تواجه صعوبة في تحقيق كامل حصصها.
مخاوف من فائض أكبر في الأشهر المقبلة
يتوقع محللون زيادة الفائض في السوق مع نهاية موسم الصيف في نصف الكرة الشمالي، وتراجع الطلب على الوقود. كما أن ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة والبرازيل وغيانا يزيد من احتمالات التخمة. وقدّرت وكالة الطاقة الدولية أن الفائض قد يصل إلى 3.3 مليون برميل يوميًا في عام 2026، في حين تشير تقديرات أوبك إلى عجز محتمل يبلغ 700 ألف برميل يوميًا إذا تم تثبيت الإنتاج عند مستويات أغسطس.
زيادة المخزونات العالمية تضيف ضغطًا على الأسعار
أفادت بيانات بنك جي بي مورغان بارتفاع مخزونات النفط والسوائل النفطية عالميًا بمقدار 269 مليون برميل خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، منها أكثر من الثلث في الصين. كما أظهرت بيانات “كبلر” أن صادرات النفط من روسيا والسعودية والعراق والإمارات والكويت وعُمان ارتفعت بنحو 1.3 مليون برميل يوميًا في سبتمبر مقارنة بأغسطس.
عوامل غير متوقعة قد تعيد التوازن
ورغم المخاوف الحالية من الفائض، يرى محللون أن اضطرابات محتملة في الصادرات الروسية بسبب العقوبات والهجمات الأوكرانية، إلى جانب تخزين الصين الاستراتيجي الكبير للنفط، قد يعيدان توازن السوق ويدعمان الأسعار خلال الأشهر المقبلة.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن تحالف أوبك+ يسير على خط رفيع بين الحفاظ على استقرار السوق العالمية للنفط، وضمان حصته أمام المنافسين، وسط ضغوط متزايدة من زيادة الإنتاج العالمي وتباطؤ نمو الطلب. ومع تعدد العوامل المؤثرة، من مخزونات الصين إلى العقوبات على روسيا، يظل المشهد النفطي مفتوحًا على احتمالات عدة خلال الأشهر المقبلة، ما يجعل قرارات أوبك+ المقبلة محورًا رئيسيًا لمتابعة أسواق الطاقة العالمية.