اعترض الجيش الإسرائيلي، فجر الأربعاء، تسعة قوارب كانت تبحر نحو قطاع غزة في محاولة جديدة لكسر الحصار البحري المفروض عليه. كما أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن النشطاء على متن السفن في صحة جيدة وتم نقلهم إلى الموانئ الإسرائيلية تمهيدًا لترحيلهم.
اعتراض الأسطول في البحر المتوسط
نفذ الجيش الإسرائيلي عملية الاعتراض على بُعد نحو 120 ميلًا بحريًا من سواحل غزة. وأظهرت لقطات بثتها كاميرات على متن القوارب لحظات اقتراب الزوارق العسكرية الإسرائيلية السريعة قبل أن يتم قطع البث بعد صعود الجنود على متن السفن. ولم تُسجل أي إصابات بين النشطاء أو القوات.
المشاركة الواسعة للنشطاء الدوليين
شارك في “أسطول الحرية” الجديد نحو 145 ناشطًا من تحالف أسطول الحرية ومبادرة الألف مدلين إلى غزة، بينهم أطباء وسياسيون وبرلمانيون من تركيا والدنمارك، إضافة إلى نائبة فرنسية في البرلمان الأوروبي، ميليسا كامارا. كما تواجد على متن السفينة الأكبر المسماة سفينة الضمير مواطنان إسرائيليان.
حمل الأسطول كميات محدودة من الغذاء والمساعدات الطبية الموجهة إلى مستشفيات غزة، في خطوة رمزية تهدف إلى لفت الأنظار إلى الأزمة الإنسانية المستمرة في القطاع.
تنديد المنظمين ووصفهم للاعتقالات بـ”التعسفية”
أدان منظمو الرحلة احتجاز النشطاء ووصفوه بأنه “إجراء تعسفي وغير قانوني”. وأكدوا أن هدفهم الأساسي هو المطالبة بفتح ممر إنساني بحري يسمح بإيصال المساعدات إلى غزة، في ظل القيود المشددة على المعابر البرية.
ردود فعل دولية غاضبة
أدانت تركيا بشدة اعتراض الأسطول في المياه الدولية، ووصفت الحادث بأنه “عمل قرصنة وانتهاك خطير للقانون الدولي”. وأعلنت وزارة الخارجية التركية أنها باشرت تحركات دبلوماسية لضمان الإفراج الفوري عن مواطنيها والتنسيق مع دول أخرى لمعرفة أوضاع النشطاء المحتجزين.
في المقابل، علقت وزارة الخارجية الإسرائيلية عبر منصة “إكس” قائلة إن “محاولة جديدة لكسر الحصار القانوني المفروض على غزة انتهت دون جدوى”.
موجة احتجاجات وتنديد عالمي
جاء اعتراض الأسطول بعد أسبوع من حادثة مماثلة شملت أكثر من 40 قاربًا حاولت الوصول إلى غزة وعلى متنها قرابة 450 ناشطًا، بينهم شخصيات أوروبية وناشطة المناخ غريتا تونبرغ. أدت تلك العملية إلى موجة إدانات دولية واسعة واحتجاجات في عدة عواصم، إضافة إلى إضراب عام شهدته إيطاليا تضامنًا مع النشطاء.
بعض النشطاء الذين تم ترحيلهم تحدثوا عن “سوء معاملة” أثناء احتجازهم من قِبل السلطات الإسرائيلية، وهي مزاعم نفتها تل أبيب بشكل قاطع.
خلفية الحرب واستمرار الحصار
تأتي هذه الأحداث في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لعمليات الجيش الإسرائيلي في غزة، والتي أدت إلى تدمير واسع النطاق ومقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة. وتقول إسرائيل إن حملتها العسكرية مستمرة لاحتواء حركة حماس، بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي وأسر أكثر من 250 شخصًا.
رغم ضغوط دولية، تواصل إسرائيل فرض حصارها على القطاع منذ عام 2007، مع تخفيفات محدودة خلال فترات معينة، بينما تصف منظمات حقوقية هذا الحصار بأنه شكل من أشكال “العقاب الجماعي”.
مفاوضات غير مباشرة في شرم الشيخ
بالتزامن مع الاعتراض الجديد، تجرى مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في مدينة شرم الشيخ المصرية، بمشاركة وفود من الولايات المتحدة وقطر وتركيا ومصر، في محاولة للوصول إلى وقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى.
رغم الاعتراضات والاحتجازات الإسرائيلية المتكررة للأساطيل والنشطاء، يظهر تحالف أسطول الحرية وإطراف المجتمع الدولي المصمم على استمرارية المحاولات لكسر الحصار وفتح ممرات إنسانية بحرية توفر الغذاء والدواء لسكان غزة المحاصرين. هذه الرحلات والمبادرات تجسد التضامن الدولي مع غزة وتسلط الضوء على معاناة سكان القطاع في ظل القيود والخلافات السياسية المستمرة.
في النهاية، يظل الأمل في أن تؤدي هذه المحاولات والدعوات الدولية إلى استجابات فعلية تؤمن وصول المساعدات وإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة، خاصة مع استمرار المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في محاولة لوقف القتال وتحقيق بعض التهدئة في المنطقة.