كشفت دراسة أمنية رائدة أن مليارات من الاتصالات العالمية، بما في ذلك المكالمات الهاتفية والأسرار العسكرية وبيانات الشركات، يتم بثها عبر شبكات الأقمار الصناعية دون تشفير، مما يعرض المعلومات الحساسة لأي شخص يمتلك معدات أساسية لا يتجاوز سعرها 600 دولار.
الدراسة تكشف أكبر اختراق في تاريخ الاتصالات عبر الأقمار الصناعية
نشرت دراسة جديدة يوم الإثنين من قبل باحثين من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو وجامعة ماريلاند، التي كشفوا فيها عن أكبر خرق أمني في تاريخ الاتصالات عبر الأقمار الصناعية. تناولت الدراسة التي حملت عنوان “لا تنظروا للأعلى” نتائج فحص 39 قمرًا صناعيًا ثابتًا على مدار 25 خط طول باستخدام معدات استهلاكية، وهي المعدات المتوفرة لمستخدمي التلفزيون الفضائي.
نصف حركة المرور عبر الأقمار الصناعية غير محمية
أصدرت الدراسة، التي حملت عنوان “لا تنظروا للأعلى”، نتائج مذهلة بعد فحص 39 قمراً صناعياً ثابتاً على مدار 25 خط طول باستخدام معدات استهلاكية، وهي نفسها المتوفرة لمستخدمي التلفزيون الفضائي العاديين. على مدار ثلاث سنوات، اكتشف الباحثون أن حوالي 50% من الاتصالات عبر الأقمار الصناعية تفتقر إلى التشفير.
وقال آرون شولمان، أستاذ في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، الذي شارك في قيادة البحث: “لقد دهشنا تماماً. بعض أجزاء بنيتنا التحتية الحيوية تعتمد على هذا النظام الفضائي، وكان لدينا شكوك بأن كل شيء سيكون مشفراً، لكننا اكتشفنا العكس في كل مرة.”
كشف تسريبات هائلة في الاتصالات والتجارة
تم اعتراض العديد من البيانات الحساسة، مثل مكالمات ورسائل نصية لآلاف من مستخدمي “تي موبايل” خلال جلسة تسجيل استمرت 9 ساعات، مما كشف عن اتصالات لأكثر من 2700 مستخدم. كما تم اعتراض اتصالات إنترنت غير مشفرة من سفن بحرية أمريكية، فضلاً عن بيانات تتبع مفصلة للجيش المكسيكي والشرطة لمروحيات وسفن حربية ومركبات مدرعة.
ضعف الحماية في الشركات والبنية التحتية
تمكنت الدراسة من الكشف عن اتصالات داخلية من شركات كبرى وبنى تحتية حيوية، حيث تم اعتراض بيانات إدارة المخزون من “وولمارت”، ومعاملات مصرفية من المؤسسات المالية المكسيكية، بالإضافة إلى اتصالات تشغيلية من محطات الكهرباء ومنصات النفط.
كما أضاف شولمان: “لقد افترضوا أنه لن يلتفت أحد لمراقبة هذه الأقمار الصناعية ولم يتخيلوا أن أحدًا سيبحث عما يوجد فيها. كانت تلك هي طريقة الأمان التي اعتمدوها.”
استجابة الصناعة والمخاطر المستمرة
بعد الكشف عن هذه الثغرات للأطراف المعنية، طبقت بعض الشركات تصحيحات التشفير. قامت “تي موبايل” بتشفير اتصالاتها بعد إبلاغها في ديسمبر 2024، بينما قامت “وولمارت” و”KPU” بتأمين أنظمتها. ولكن بعض مشغلي البنية التحتية الحيوية لم ينفذوا الحماية بعد.
التحديات المستقبلية: الحاجة الملحة لتشفير شامل
تحذر الدراسة من أن التطبيق غير الكامل للتشفير في أنظمة الأقمار الصناعية يشكل تهديدًا مستمرًا للبنية التحتية الحيوية. مع تزايد المخاطر، يصبح من الضروري تعزيز الجهود لحماية هذه الشبكات من المهاجمين المحتملين.
في النهاية، تُظهر هذه الدراسة الخطيرة حجم المخاطر الأمنية التي تواجهها الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، مع تسريب المكالمات والبيانات الحساسة دون تشفير. من الواضح أن هناك حاجة ماسة لتحديث الأنظمة الأمنية وتعزيز التشفير لحماية المعلومات الحيوية التي تُنقل عبر هذه الشبكات. مع تزايد المخاطر المحتملة، يتعين على الحكومات والشركات اتخاذ إجراءات فورية لضمان أمان البيانات وحمايتها من التسريب. إن التصدي لهذه الثغرات لا يمثل خيارًا بل ضرورة للحفاظ على الخصوصية وحماية البنية التحتية الحيوية على مستوى العالم.




