أشعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجدل مجددًا بدعوته المفاجئة إلى تجميد خطوط القتال بين روسيا وأوكرانيا ووقف الحرب فورًا، في تصريحات جاءت عقب اجتماع مطوّل جمعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض. كما أكد ترامب أن الوقت قد حان لـ“إنهاء المأساة وإيقاف نزيف الدماء”، مضيفًا بلهجة حاسمة: «كفى ما أريق من دماء، فليدع التاريخ يحكم».
موقف ترامب المتغير
أبدى ترامب هذا الموقف بعد اجتماعٍ استمر أكثر من ساعتين مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث بدا أن خطه يتجه نحو دفع كييف للتخلي تدريجياً عن استعادة كل الأراضي التي خسرتها لصالح موسكو. وفي وقتٍ سابق، كان ترامب قد أشار إلى أن أوكرانيا يمكن أن تستردّ كل أراضيها، مما يعكس تذبذباً في موقفيه تجاه النزاع.
أسلحة ومدى الوصول: النقاش حول صواريخ “توماهوك”
خلال الاجتماع في البيت الأبيض، عرض الوفد الأوكراني مقترحًا جديدًا يقضي بتزويد واشنطن بطائرات دون طيار متطورة مقابل حصول كييف على صواريخ كروز بعيدة المدى من طراز “توماهوك”. إلا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبدى تحفظه على الصفقة، مؤكدًا أن الحفاظ على مخزون الأسلحة الإستراتيجية الأميركية أولوية وطنية، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن إنهاء الحرب يظل أكثر أهمية من تزويد أي طرف بمزيد من الصواريخ.
وتعد صواريخ “توماهوك” — التي يصل مداها إلى نحو 1600 كيلومتر — من الأسلحة القادرة على تغيير ميزان المعركة، إذ تتيح لأوكرانيا استهداف مواقع عسكرية وبنى تحتية داخل العمق الروسي، ما يمكن أن يشكل ورقة ضغط إضافية على موسكو للعودة إلى طاولة المفاوضات.
رد زيلينسكي وتوقعات السلام
من جانبه، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى وقف فوري لإطلاق النار وبدء المفاوضات، مؤكدًا في تصريح مقتضب عقب لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه «يجب أن نتوقف حيث نحن، ثم نتحدث».
وتجنب زيلينسكي الرد مباشرة على سؤال حول ما إذا كان يقبل بخطوط القتال الحالية كأساسٍ لاتفاق سلام، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن أي تسوية سياسية يجب أن تتضمن ضمانات أمنية حقيقية، لا أن تقتصر على تجميد مؤقت للنزاع دون معالجة جذوره أو ضمان حماية الأراضي الأوكرانية.
الاتجاه نحو مفاوضات ثلاثية
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه عقد اجتماع في بودابست مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال الأسابيع المقبلة، مرجحًا أن يعقد اللقاء من دون مشاركة مباشرة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وينظر إلى هذه الخطوة على أنها تحول في مسار المفاوضات، إذ تحاول واشنطن — وفق مراقبين — إعادة صياغة دورها كوسيط رئيسي في الأزمة الأوكرانية الروسية، مع الحرص في الوقت نفسه على حماية المصالح الإستراتيجية الأميركية والحفاظ على توازن العلاقات مع موسكو وكييف على حدٍّ سواء.
في النهاية، يأتي هذا التحرك الأميركي في لحظةٍ حساسة من عمر الحرب الأوكرانية، وسط تصاعد الضغوط الدولية لإيجاد مسار دبلوماسي يُنهي النزاع المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات. وبينما يحاول دونالد ترامب إلى ترسيخ صورته كوسيط قادر على تحقيق “صفقة سلام تاريخية”، تظل كييف وموسكو متمسكتين بمواقف متباعدة يصعب التوفيق بينها.
ومع اقتراب موعد اللقاء المرتقب في بودابست بين ترامب وبوتين، تترقّب العواصم الأوروبية والعالم أجمع ما إذا كانت هذه المبادرة ستكون بداية نهاية الحرب، أم مجرّد فصل جديد في صراعٍ تتشابك فيه السياسة بالقوة والسلاح.




