أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن معبر رفح بين غزة ومصر سيبقى مغلقاً حتى إشعار آخر، مؤكداً أن إعادة فتحه مشروطة بتسليم حركة حماس جثث الرهائن الإسرائيليين الذين قتلوا خلال الحرب. جاء هذا القرار في ظل تبادل مستمر للاتهامات بين الجانبين بخصوص خروقات اتفاق وقف إطلاق النار الذي ترعاه الولايات المتحدة.
تباين في المواقف بين القاهرة وتل أبيب
سبق إعلان نتنياهو تصريح من السفارة الفلسطينية في القاهرة أشارت فيه إلى نية فتح معبر رفح يوم الاثنين للسماح بعبور المساعدات ودخول المدنيين. إلا أن الحكومة الإسرائيلية نفت الأمر، محمّلة حماس مسؤولية استمرار إغلاق المعبر وتأخير تنفيذ بنود الهدنة.
تحذيرات أمريكية واتهامات متبادلة
قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان من واشنطن إنها تلقت “تقارير موثوقة” تشير إلى نية حماس تنفيذ هجوم وشيك في غزة، معتبرة أن ذلك سيمثل “انتهاكاً خطيراً للهدنة”. ردّت حماس على هذه الاتهامات بالنفي التام، متهمة إسرائيل بتمويل وتشكيل “عصابات مسلحة” داخل غزة لتنفيذ جرائم قتل وخطف ونهب.
ودعت الحركة الإدارة الأمريكية إلى التوقف عن “ترديد الرواية الإسرائيلية المضللة”، مؤكدة أن قواتها الأمنية تلاحق تلك العصابات وتعمل على ضبط الأمن داخل القطاع.
ترامب يربط استمرار الهدنة بالتزام حماس
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده تراقب تنفيذ اتفاق الهدنة عن كثب، مشيراً إلى أنه سيسمح لإسرائيل باستئناف العمليات العسكرية في غزة إذا أخلّت حماس بالتزاماتها. ويأتي ذلك ضمن خطة سلام مكونة من 20 بنداً طرحها ترامب لإنهاء الحرب وإعادة الاستقرار إلى القطاع.
تبادل الجثامين يعمق الخلاف
ذكرت الحكومة الإسرائيلية أنها تسلمت جثتين جديدتين من أصل 28 جثة رهائن، في حين تتهم حماس إسرائيل بعدم تنفيذ وعودها المتعلقة بتسليم جثامين الفلسطينيين. وطالبت الحركة بالسماح بدخول المعدات اللازمة للبحث تحت الأنقاض، قائلة إن استمرار إغلاق معبر رفح يعرقل عملية انتشال الجثث وتسليمها.
كارثة إنسانية تهدد غزة
يواصل سكان غزة مواجهة أزمة إنسانية خانقة بعد شهور من الحرب. وأكدت الأمم المتحدة أن المجاعة تضرب أرجاء القطاع فيما تعمل المستشفيات بطاقاتها القصوى وسط نقص حاد في المساعدات الطبية والغذائية.
ومنذ الهدنة، يدخل إلى غزة نحو 560 طناً مترياً من الأغذية يومياً، وهو رقم لا يغطي سوى جزء بسيط من الاحتياجات، وفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
عقبات تقف أمام خطة السلام
رغم الجهود الدبلوماسية، ما تزال العقبات كبيرة أمام تنفيذ خطة ترامب للسلام، وتشمل قضايا نزع سلاح حماس، وإدارة غزة، وتشكيل قوة دولية لحفظ الاستقرار، إضافة إلى التحضير لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ويرى مراقبون أن استمرار تبادل الاتهامات بين إسرائيل وحماس، وإغلاق المعابر، وملف المساعدات، قد يقود إلى انهيار كامل للهدنة الهشة في أي لحظة.
في النهاية، تظهر أزمة معبر رفح من جديد هشاشة التفاهمات بين إسرائيل وحماس، إذ تحول هذا المنفذ الإنساني إلى ورقة ضغط سياسية تستخدم في كل جولة تفاوض أو هدنة. وبين الاتهامات المتبادلة، تظل معاناة المدنيين في غزة هي الثابت الوحيد وسط متغيرات المشهد.
فبينما تسعى الأطراف لتحقيق مكاسب سياسية، يعيش أكثر من مليوني إنسان في انتظار قرار يفتح لهم طريق المساعدات والعلاج والحياة. ومع استمرار الإغلاق وغياب الحلول الجذرية، يبقى السؤال الأهم: هل يتحول معبر رفح من بوابة إنسانية إلى رمزٍ دائمٍ للأزمات في الشرق الأوسط؟




