في مشهد بات يتكرر بشكل لافت، تعرضت العاصمة الروسية موسكو لهجوم جوي أوكراني بطائرات مسيّرة للمرة الثانية خلال 48 ساعة. في تصعيد غير مسبوق للحرب الدائرة منذ أكثر من عامين. وأعلنت السلطات الروسية، أن الدفاعات الجوية تمكنت من تدمير ما لا يقل عن 19 طائرة مسيّرة أوكرانية اقتربت من العاصمة من اتجاهات متعددة، دون تسجيل إصابات أو أضرار كبيرة، رغم سقوط بعض الحطام على طريق سريع رئيسي.
إغلاق مطارات ومخاوف من اتساع التهديد
وتصف كييف هذه الهجمات بأنها “رد استراتيجي” على القصف الروسي المتواصل على أراضيها. وقد شددت على أنها تستهدف بنى تحتية حيوية تستخدم في دعم الجهد الحربي الروسي. وتأتي هذه الهجمات بعد شهور من إعلان موسكو إحباط أكبر توغل أوكراني داخل الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية. وذلك حين اجتاحت قوات كييف منطقة كورسك في أغسطس 2024 في محاولة لتشتيت القوات الروسية على الجبهات الشرقية.
عمليات أوكرانية مستمرة في العمق الروسي
وبينما تؤكد موسكو أنها صدت الهجوم وشكلت منطقة عازلة في إقليم سومي الأوكراني، تواصل كييف التشكيك في هذه الرواية. إذ يؤكد الرئيس فولوديمير زيلينسكي أن قواته لا تزال تنفذ عمليات نوعية داخل الأراضي الروسية، تحديدًا في منطقتي كورسك وبيلغورود. ويعكس هذا التصعيد المتبادل مدى تعقيد المشهد الميداني، ويبرز أن المعركة لم تعد مقتصرة على الخطوط الأمامية، بل امتدت إلى عمق كلا الجانبين.
الهجمات الأوكرانية الأخيرة بطائرات مسيّرة تؤشر لتحول جديد في قواعد الاشتباك، حيث لم تعد موسكو بمنأى عن الحرب، بل باتت في مرمى النيران، ما قد يفرض على الكرملين مراجعة حساباته في ظل حرب تتسع رقعتها وتتعقد سيناريوهاتها يوماً بعد آخر.
هدنة مؤقتة في الأفق… ولكن!
وتأتي هذه التطورات قبل هدنة محتملة مدتها ثلاثة أيام اقترحتها روسيا تزامنًا مع احتفالها بيوم النصر في 9 مايو/أيار، الذي يصادف الذكرى الـ80 لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لم يبدِ أي تفاؤل بشأن مصداقية روسيا في احترام هذه الهدنة، وقال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التشيكي بيتر بافل:
“نحن نعرف مع من نتعامل، ولا نصدقهم… هذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها وعودًا بوقف إطلاق النار من جانب موسكو دون التزام حقيقي.”
ويستند زيلينسكي في موقفه إلى تجارب سابقة، من بينها هدنة عيد الفصح في أبريل/نيسان الماضي، التي أُعلنت من جانب روسيا ولم تُحترم بالكامل، بالإضافة إلى رفض موسكو في مارس/آذار وقف إطلاق نار غير مشروط لمدة 30 يومًا كانت قد اقترحته كييف وواشنطن.
مشهد متوتر يسبق احتفال النصر
في ظل هذه التوترات المتصاعدة، يبقى الوضع في العاصمة الروسية موسكو هشًا، خاصة مع تزايد الهجمات الجوية الأوكرانية عبر المسيرات، وما تسببه من شلل جزئي لحركة الملاحة الجوية في مطارات البلاد. ويبدو أن التصعيد في هذا التوقيت يحمل رسائل سياسية واضحة تسبق احتفالات روسيا التاريخية، وسط غياب الثقة وغياب أي مؤشرات على حلول دبلوماسية وشيكة.