بينما تتصاعد حدة الخطاب السياسي في باكستان عقب حادثة باهالغام في كشمير، يعلو صوت رجال الأعمال محذرًا من أن أي تصعيد عسكري مع الهند قد يجرّ البلاد إلى كارثة اقتصادية شاملة. فبعيدًا عن منابر السياسة، يقف الاقتصاد على حافة هاوية، وسط مؤشرات مقلقة بدأت تلوح في الأفق منذ اندلاع التوترات الأخيرة.
صحيفة “دون” الباكستانية نقلت عن دوائر المال والأعمال تحذيرات جدية من أن الاحتقان الحالي يهدد جهود التعافي الاقتصادي ويقوّض فرص التكامل الإقليمي، خصوصًا في وقت يتجه فيه العالم نحو أسواق أكثر ترابطًا.
انهيارات مبكرة في السوق وسقوط الروبية
أول المؤشرات ظهرت فعليًا؛ حيث فقد مؤشر كراتشي للأسهم أكثر من 3000 نقطة منذ 22 أبريل، وبدأت الروبية تترنح بين 280 و284 مقابل الدولار. أما قطاع الأدوية، فكان الأكثر تضررًا بفعل توقف استيراد المواد الفعالة من الهند، في ظل رفض البنوك فتح اعتمادات مستندية.
قطاع الأدوية يتضرر بسبب توقف الاستيراد
من بين القطاعات المتضررة بشدة، برز قطاع الأدوية الذي يعتمد بشكل كبير على واردات المواد الفعالة من الهند. وأكد شيخ قيصر وحيد، الرئيس السابق لرابطة صناعة الأدوية الباكستانية، أن شحنات الأدوية وصلت بالفعل إلى الموانئ لكنها لم تُفرج عنها رغم أنها مشمولة بإعفاء تنظيمي بموجب القرار “SRO 977”. وأوضح أن البنوك ترفض فتح الاعتمادات المستندية أو تنفيذ العقود، في حين أن الموردين الهنود لا يمانعون في التوريد، مما يشير إلى وجود عراقيل من الجانب الباكستاني.
إجراءات متبادلة تؤجج التوتر
الأزمة لم تتوقف عند التصريحات السياسية، بل تطورت إلى إجراءات متبادلة بين البلدين. الهند بادرت بإغلاق الحدود البرية عبر معبر واجه، وطردت البعثة الدبلوماسية الباكستانية، وعلّقت إصدار التأشيرات، وأغلقت المجال الجوي أمام الطائرات الباكستانية. كما ألغت اتفاقية المياه التاريخية لعام 1960، وطردت الزائرين الباكستانيين.
في المقابل، أعلنت باكستان خطوات مماثلة، منها إغلاق الحدود اعتبارًا من الأول من مايو، وطرد المواطنين الهنود باستثناء الحجاج السيخ، وتعليق تأشيرات رابطة جنوب آسيا للهنود، بالإضافة إلى خفض عدد موظفي المفوضية الهندية إلى 30، ووقف حركة التجارة والمجال الجوي مع الهند.
مخاوف من فشل المشاريع الاستراتيجية
وسط هذه الأجواء المشحونة، عبّر قادة الصناعة عن قلقهم من أن هذه المواجهة قد تفشل مشاريع استراتيجية، مثل ممر الصين-باكستان الاقتصادي، الذي يمثل أملًا في جذب الاستثمارات وتعزيز التصدير. كما حذروا من خطر العزلة الدولية، في ظل تردد القوى الكبرى عن التدخل بسبب التنافس الجيوسياسي والمصالح الاقتصادية.
الرسالة كانت واضحة: “كل صاروخ يُطلق يكلف ملايين، لكن الخسائر البشرية والاقتصادية لا تُقدّر بثمن”. الدعوة باتت ملحّة لاحتواء الأزمة، وفتح تحقيق محايد، فالاقتصاد لا يتحمل مغامرات سياسية قد تهدد مستقبل أمة بأكملها. هل تنصت الحكومة؟
دعوات لتحقيق محايد وإنهاء الأزمة
وسط هذه الأجواء المحتقنة، دعا عدد من رجال الأعمال إلى فتح تحقيق دولي نزيه في حادثة باهالغام بمشاركة باكستان، كخطوة أولى نحو التهدئة. وأكدوا أن الاقتصاد الوطني لا يحتمل مغامرات سياسية، وأن استمرار التصعيد قد يقوّض الاستقرار، ويهدد النسيج الإقليمي ومستقبل الملايين.