بعد 19 شهرًا من التصعيد الدموي في غزة، أقرّ الاتحاد الأوروبي أخيرًا بضرورة مراجعة علاقاته مع إسرائيل في ضوء التزاماتها بموجب القانون الدولي. هذه الخطوة، التي جاءت استجابةً لطلب دعمته 17 دولة عضوًا، تُعدّ تطورًا مهمًا، لكنها – كما وصفتها إيف غيدي، مديرة مكتب المؤسسات الأوروبية بمنظمة العفو الدولية – جاءت “متأخرة بشكل كارثي”.
إسرائيل تواصل الانتهاكات وسط صمت دولي
تنفذ إسرائيل ما وصفته منظمة العفو بـ”الإبادة الجماعية” في غزة، وسط إفلاتٍ مروّع من المحاسبة الدولية. وفي ظل هذا الصمت، تجرأ قادة إسرائيليون على الجهر بأهدافهم، في خرق صارخ للمبادئ الأساسية التي بُني عليها القانون الدولي.
سياسة الاسترضاء الأوروبية تحت المجهر
الاتحاد الأوروبي، الذي يجب أن يكون حارسًا لحقوق الإنسان، وجد نفسه اليوم في موضع المساءلة. فقد باتت سياسة الاسترضاء التي ينتهجها تجاه إسرائيل محط انتقاد لاذع، خاصة وأن بعض الدول الأعضاء تواصل تصدير السلاح وتدفق الاستثمارات التي تسهم في استمرار الانتهاكات.
مطالب منظمة العفو الدولية للاتحاد الأوروبي
المنظمة دعت إلى خطوات أكثر جرأة، أبرزها:
- حظر التجارة والاستثمارات التي تعزز جرائم الحرب.
- تعليق كافة أشكال التجارة مع المستوطنات.
- إيقاف تصدير السلاح لإسرائيل.
وفي حال فشل الاتحاد ككتلة موحدة في الوفاء بالتزاماته، تحثّ المنظمة الدول الأعضاء على التحرك بشكل فردي لتعليق أي تعاون يدعم ارتكاب الجرائم.
دعوات حاسمة لمنع التواطؤ
أكدت منظمة العفو الدولية أن المخاطر أصبحت جسيمة، وأن استمرار التقاعس أو محاولة التنصل من الالتزامات القانونية يعرض الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لشبهة التواطؤ في ارتكاب الإبادة الجماعية. كما شددت على أن أي تأخير إضافي في اتخاذ الإجراءات اللازمة قد يؤدي إلى سقوط مزيد من الضحايا المدنيين في غزة. كما طالبت بتحرك حازم يستند إلى معايير القانون الدولي وأدلة موثقة.
المادة الثانية من اتفاقية الشراكة في صلب المراجعة
المراجعة الأوروبية تستند إلى المادة الثانية من اتفاقية الشراكة، والتي تنص على احترام حقوق الإنسان والديمقراطية. وقد طالبت منظمة العفو مرارًا بتفعيل هذه المادة، خاصة بعد الفتوى الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية في يوليو 2024، والتي أكدت على عدم مشروعية استمرار الاحتلال الإسرائيلي.
الاختبار الحقيقي أمام الاتحاد الأوروبي
الكرة الآن في ملعب الاتحاد الأوروبي. فإما أن ينهض بمسؤولياته القانونية والأخلاقية، أو أن يُسجَّل تقاعسه في صفحات التاريخ كأحد شركاء الصمت في المأساة.