شنت القوات الروسية، فجر الثلاثاء، سلسلة من الهجمات العنيفة على العاصمة الأوكرانية كييف ومدن أخرى، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 15 مدنيًا وإصابة عشرات آخرين. استهدفت الضربات عشرات المنشآت السكنية والخدمية، أبرزها مبنى سكني ضخم في حي سولوميانسكي وسط كييف، وفقًا لما أعلنه مسؤولون أوكرانيون.
440 طائرة مسيرة و32 صاروخًا في ليلة واحدة
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا أطلقت أكثر من 440 طائرة مسيرة هجومية و32 صاروخًا باتجاه الأراضي الأوكرانية. واصفًا ما حدث في كييف بأنه “واحد من أكثر المشاهد رعبًا” منذ بدء الحرب، مؤكدًا أن “هذه الهجمات ليست سوى إرهاب متعمد”.
وأضاف زيلينسكي: “يجب على العالم، وعلى الولايات المتحدة وأوروبا، أن يتعاملوا مع هذا الهجوم بالطريقة التي يتعامل بها المجتمع المتحضر مع الإرهابيين”.
دمار واسع في عشرات المواقع داخل العاصمة
وفقًا للسلطات المحلية، استهدفت الهجمات حوالي 27 موقعًا في كييف خلال موجات متتالية استمرت طوال الليل. وتضررت مبانٍ سكنية ومؤسسات تعليمية ومنشآت حيوية، بما في ذلك البنية التحتية للطاقة.
في حادثة مروعة، أصاب صاروخ باليستي مبنى مكوّنًا من تسعة طوابق، مما أدى إلى انهيار جزء كبير منه وتحوله إلى كومة من الأنقاض. فرق الإنقاذ واصلت جهودها لسحب الناجين، من بينهم سيدة مسنة تم إخراجها عبر رافعة.
شهادات ميدانية: مشاهد مروعة وألم لا يوصف
قالت فيكتوريا فوفشينكو (57 عامًا)، وهي من سكان المنطقة “لم أرَ شيئًا كهذا من قبل. كان مشهدًا مرعبًا. كانوا يسحبون الجرحى من تحت الأنقاض، بينهم أطفال وكبار في السن… لا أعلم إلى متى سيستمرون في تعذيبنا نحن المدنيين”.
ارتفاع الحصيلة وتأكيد مقتل أميركي في كييف
أوضح وزير الداخلية الأوكراني، إيهور كليمنكو، أن عدد القتلى بلغ 14 شخصًا في كييف، بالإضافة إلى قتيل آخر في مدينة أوديسا جنوب البلاد. كما أصيب نحو 100 شخص في العاصمة ومحيطها، إضافة إلى مدن أوديسا وتشيرنيهيف في الشمال. كما أكد رئيس بلدية كييف، فيتالي كليتشكو، أن من بين القتلى مواطنًا أميركيًا يبلغ من العمر 62 عامًا توفي متأثرًا بشظايا القصف.
أوكرانيا ترد بهجمات داخل العمق الروسي
في المقابل، نفذت أوكرانيا هجمات بطائرات مسيرة على مواقع داخل الأراضي الروسية. وزارة الدفاع الروسية أعلنت تدمير 147 طائرة مسيرة أوكرانية، منها عدد كبير في محيط موسكو، دون وقوع إصابات بين المدنيين الروس.
تصاعد النزاع وتعثر مفاوضات السلام
رغم مرور أربع سنوات على بداية الغزو الروسي الشامل، إلا أن النزاع لا يزال في تصاعد. فشل الجانبان في التوصل إلى اتفاق خلال جولتي مفاوضات في إسطنبول مؤخرًا. فيما تواصل القوات الروسية تقدمها في الشرق وتفتح جبهة جديدة في إقليم سومي شمال شرق البلاد.
زيلينسكي يبحث دعم الغرب خلال قمة السبع
زار الرئيس الأوكراني كندا للمشاركة في قمة مجموعة السبع، سعيًا لتعزيز العقوبات الغربية على روسيا وتأمين المزيد من الدعم العسكري.
في النهاية، إن الهجوم الروسي الأخير على كييف ومدن أوكرانية أخرى يعكس تصعيدًا خطيرًا في وتيرة الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات. في ظل هذا التصعيد، تتزايد معاناة المدنيين، بينما تستمر الجهود الدبلوماسية في التعثر. وبينما تسعى أوكرانيا للحصول على دعم دولي أوسع من خلال المحافل العالمية، يبقى السؤال مطروحًا: إلى متى سيظل المدنيون يدفعون الثمن؟ إن حجم الدمار والضحايا يُحتم على المجتمع الدولي التحرك بشكل أكثر حزمًا لوضع حد لهذه المأساة الإنسانية المتفاقمة.