كشفت وكالة رويترز، نقلًا عن مصدر إيراني رفيع، أن معظم اليورانيوم عالي التخصيب في منشأة فوردو النووية تم نقله إلى موقع غير معلن قبل ساعات من الضربات الأميركية. وأضاف المصدر، الذي لم يتم الكشف عن هويته، أن طهران قامت أيضًا بتقليص عدد العاملين داخل المنشأة إلى الحد الأدنى، في خطوة بدت كأنها احترازية.
هجوم أميركي يستهدف مواقع نووية حساسة
فجر الأحد، شنت الولايات المتحدة هجومًا جويًا استهدف ثلاث منشآت نووية إيرانية، أبرزها موقع فوردو الشهير. الرئيس الأميركي دونالد ترامب صرّح بأن “فوردو انتهى”، مؤكدًا إسقاط حمولة كاملة من القنابل على المجمع النووي.
صور أقمار صناعية تكشف استعدادات إيرانية
من جانبها، نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرًا استنادًا إلى صور أقمار صناعية التُقطت بتاريخ 19 يونيو/حزيران. تظهر الصور نشاطًا غير معتاد لشاحنات ومركبات بالقرب من منشأة فوردو، وذلك قبل يومين فقط من الضربة الأميركية. وفي اليوم التالي، أظهرت الصور تحرك الشاحنات إلى الشمال الغربي للموقع وتمركز بعضها قرب المدخل، ما يدعم فرضية التحضير المسبق.
تحليل استراتيجي: إيران توقعت الهجوم
يرى عباس أصلاني، المحلل في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، أن إيران كانت تتوقع عدوانًا أميركيًا، لذا اتخذت إجراءات استباقية لحماية ما يمكن حمايته. وأوضح في تصريح، أن نقل المواد النووية إلى أماكن آمنة كان بهدف تقليل احتمالية التلوث وحماية السكان القريبين من المواقع النووية.
وأشار أصلاني إلى أن تلك المواد النووية ليست فقط خطيرة بل ثمينة، وهو ما جعلها هدفًا واضحًا للولايات المتحدة. ونقلها إلى مكان مختلف كان خطوة منطقية لمنع تدميرها أو وقوع كارثة بيئية.
دعوات إيرانية للانسحاب من معاهدة عدم الانتشار
تزامنًا مع التصعيد، أعلن عباس جولرو، رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أن لإيران الحق القانوني في الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مستندًا إلى المادة العاشرة من المعاهدة التي تتيح الانسحاب في حال تعرضت المصالح العليا لأي دولة للخطر.
تحذير دبلوماسي وتحقيق مرتقب
وزارة الخارجية الإيرانية حملت الإدارة الأميركية مسؤولية العواقب الوخيمة لهذا الهجوم. كما وجه رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية رسالة رسمية إلى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، يطالب فيها بفتح تحقيق عاجل بشأن استهداف المنشآت النووية.
الضربات طالت فوردو ونطنز وأصفهان
الهجوم لم يقتصر على فوردو فقط، بل شمل منشأتين نوويتين إضافيتين في نطنز وأصفهان. وجاءت هذه العملية بعد إقلاع قاذفات “بي-2” الأميركية من قواعد داخل الولايات المتحدة، في تصعيد وصفه مراقبون بأنه الأخطر منذ بدء المواجهات الكلامية بين طهران وواشنطن حول الملف النووي.
تصعيد نووي يهدد الاستقرار الإقليمي
مع تزايد التوتر بين إيران والولايات المتحدة، تشير التطورات الأخيرة إلى مرحلة أكثر خطورة في الصراع حول البرنامج النووي الإيراني. الضربات الأميركية على مواقع نووية حساسة، وردود الفعل الإيرانية الغاضبة، واحتمال الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي، كلها مؤشرات على أن المنطقة مقبلة على مرحلة حرجة.
في ظل غياب أي مؤشرات على التهدئة، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل نشهد بداية مواجهة مباشرة؟ وهل ينجح المجتمع الدولي في احتواء التصعيد قبل أن تتسع دائرة الصراع؟
الأسابيع القادمة ستكون حاسمة، ليس فقط لمصير مواقع إيران النووية، بل لمستقبل الأمن في الشرق الأوسط بالكامل.