سادت أجواء من الهدوء الحذر مدينة السويداء جنوب سوريا صباح الأحد، عقب إعلان الحكومة التي يقودها الإسلاميون عن انسحاب المقاتلين البدو من المدينة ذات الغالبية الدرزية، في وقت صعدت فيه الولايات المتحدة دعواتها لوقف القتال.
توقف إطلاق النار ومظاهر الهدوء النسبي
أوضح أحد السكان من أطراف المدينة بعدم سماع أي أصوات لإطلاق النار صباحًا، بينما أكد مصدر درزي محلي أن الهدوء ساد معظم المناطق. لكن هذا الهدوء لم يكن كافيًا لتبديد القلق العام، إذ وصف الطبيب كنان عزام الوضع في المدينة بأنه “هدوء مشوب بالتوتر”، مشيرًا في حديث لوكالة رويترز إلى أن السكان لا يزالون يواجهون أزمة حادة في المياه والكهرباء.
انهيار الخدمات الطبية وتفاقم الوضع الإنساني
أوضح عزام أن “المستشفيات في حالة كارثية وخارج الخدمة”، مشددًا على وجود عدد كبير من القتلى والجرحى لم يتم التعامل معهم بشكل مناسب حتى الآن. ويعكس ذلك تدهور الوضع الإنساني في السويداء رغم توقف الاشتباكات مؤقتًا.
جذور الأزمة والتدخلات العسكرية
بدأت الاشتباكات الدامية قبل نحو أسبوع نتيجة مواجهات مباشرة بين مقاتلين دروز وآخرين من البدو. على إثر ذلك، أرسلت دمشق قوات عسكرية إلى المنطقة لمحاولة إخماد القتال، لكنها اتُهمت بارتكاب انتهاكات واسعة بحق السكان الدروز، ما سبب موجة من الغضب المحلي. كما تعرضت هذه القوات لاحقًا لضربات إسرائيلية، قبل أن تنسحب بموجب هدنة مؤقتة أُعلن عنها يوم الأربعاء.
فشل الهدنة الجديدة والتحديات السياسية
في صباح السبت، أعلنت الرئاسة السورية وقفًا جديدًا لإطلاق النار، إلا أنه لم يصمد طويلًا، حيث تجددت الاشتباكات بسرعة، ما يعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها الرئيس المؤقت أحمد الشرع في فرض سلطته على بلد ممزق بفعل النزاعات والصراعات المسلحة.
في النهاية، تعكس الأحداث في السويداء هشاشة الوضع الأمني والإنساني في جنوب سوريا، رغم محاولات فرض التهدئة عبر الهدن المتكررة. فبين الانسحابات العسكرية المتأخرة والانتهاكات التي طالت المدنيين، يظل السكان هم الضحايا الرئيسيون في معركة تتجاوز الانقسامات القبلية لتكشف عن عمق التحديات السياسية والإنسانية التي تواجه البلاد. ومع غياب حلول مستدامة، يظل الهدوء الحالي مجرد استراحة مؤقتة في صراع مفتوح على أكثر من جبهة.