أعلنت وزارة الدفاع الروسية، يوم الخميس، سيطرة قواتها على بلدة تشاسيف يار الواقعة في شرق أوكرانيا، بعد معركة استمرت نحو 16 شهرًا، في خطوة تفتح الباب أمام تقدم روسي محتمل في دونيتسك.
إعلان رسمي وتشكيك أوكراني
قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان مقتضب إن قواتها “حررت” البلدة، مؤكدة أنها حققت نصرًا استراتيجيًا. ومع ذلك، سارع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى نفي هذه المزاعم، مؤكدًا أنها “معلومات مضللة”. وفي الوقت نفسه، وصف متحدث عسكري أوكراني التصريحات الروسية بأنها “دعاية لا أكثر”، في محاولة للتشكيك في صحة الادعاءات الروسية.
لقطات مصورة تدعم الادعاء الروسي
رغم النفي الأوكراني، نشرت وحدة روسية مقطع فيديو يُظهر جنودًا يرفعون علم روسيا وراية القوات المحمولة جوًا في أنقاض البلدة. وقد أكدت وكالة رويترز صحة الفيديو من حيث الموقع والمحتوى.
تصعيد ميداني في ظل تعثر المفاوضات
يأتي هذا التطور وسط تعثر جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف. كما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات جديدة على روسيا وعلى المشترين لصادراتها بدءًا من الأسبوع المقبل، في خطوة قد تزيد من حدة التوترات.
ضغوط روسية على مدن أوكرانية أخرى
في موازاة القتال في تشاسيف يار، تواصل القوات الروسية الضغط على مدينة بوكروفسك، الواقعة على بعد 60 كيلومترًا جنوب غرب البلدة. ويبدو أن موسكو تسعى لتحقيق تقدم ميداني متدرج في منطقة دونيتسك.
خبير عسكري: سقوط البلدة يفتح المجال للتقدم الروسي
يرى المحلل العسكري الفنلندي إيميل كاستيهلْمي، من مجموعة “بلاك بيرد” أن سقوط تشاسيف يار – إن تأكد – سيمهد الطريق أمام روسيا للتقدم باتجاه مدينة كوستيانتينيفكا. كما قال في تصريح لوكالة رويترز إن التضاريس المعقدة للبلدة، بما في ذلك الغابات والتلال والمباني، منحت الأوكرانيين ميزة دفاعية جعلت التقدم الروسي بطيئًا للغاية على مدى أكثر من عام.
زيلينسكي: الدفاع مستمر في دونيتسك وسومي وخاركيف
في خطابه الليلي، شدد زيلينسكي على أن الوحدات الأوكرانية تواصل الدفاع عن مواقعها، مؤكدًا أن كل محاولات التقدم الروسية يتم التصدي لها. كما أشار إلى أن القتال الأشد حاليًا يدور قرب مدينة بوكروفسك، بناءً على تقارير من القائد العسكري الأعلى أولكسندر سيرسكي.
نفي من مدونين أوكرانيين لمزاعم روسيا
المدونة الأوكرانية الشهيرة “ديب ستيت”، المتخصصة في تتبع تحركات الجيش الروسي باستخدام مصادر مفتوحة، نفت أيضًا سيطرة موسكو الكاملة على تشاسيف يار، وأكدت أن المعارك ما تزال مستمرة في أطرافها.
خلفية عن تشاسيف يار وأهميتها
تقع تشاسيف يار غرب مدينة باخموت، التي سقطت في يد روسيا عام 2023 بعد معركة اعتُبرت من أعنف المعارك في الحرب. وقد بدأت المعركة على تشاسيف يار في أبريل 2024، حين وصلت وحدات روسية محمولة جوًا إلى أطرافها الشرقية. وبحسب وسائل إعلام روسية، حاولت القوات الروسية في ذلك الوقت إجبار القوات الأوكرانية داخل البلدة على الاستسلام أو مواجهة القصف الجوي بالقنابل الموجهة.
في النهاية، تسلط معركة تشاسيف يار الضوء على تعقيدات المشهد العسكري في شرق أوكرانيا، حيث يشكل كل تقدم ميداني خطوة رمزية واستراتيجية في آنٍ واحد. ورغم إعلان روسيا سيطرتها على البلدة، يبقى الوضع الميداني محل جدل بين الطرفين، ما يعكس استمرار حالة الاستنزاف. وفي ظل غياب أي اختراق سياسي أو دبلوماسي، يتوقع أن تستمر المواجهات بوتيرة عالية، مع تصاعد الضغوط على المدن الأوكرانية القريبة من خطوط التماس. إن مصير تشاسيف يار قد يكون مؤشرًا لما ينتظر المنطقة في الأشهر المقبلة.