في أحد ملاعب كرة القدم بالعاصمة الصينية بكين، يستعرض الروبوت “T1” مهاراته في التسديد والتمركز، لكنه ليس لاعبًا عاديًا، بل روبوت مجسد فاز بالميدالية الذهبية، ويستعد للمشاركة في أول دورة ألعاب عالمية للروبوتات المجسدة، المقررة في 15 أغسطس الجاري.
سباق عالمي نحو ريادة الروبوتات المجسدة
تأتي هذه الفعالية ضمن جهود الصين لتسريع تطوير تقنيات الروبوتات المجسدة، في إطار سعيها لتعزيز الاكتفاء الذاتي في المجالات التكنولوجية المتقدمة. ومن المتوقع أن تستقطب الدورة فرقًا من أكثر من 20 دولة حول العالم، مما يعكس الاهتمام العالمي المتزايد بالروبوتات المجسدة. كما تشمل المنافسات مجموعة متنوعة من التحديات، بدءًا من ألعاب القوى، مرورًا بالرقص والفنون القتالية، ووصولًا إلى تطبيقات عملية أكثر واقعية، مثل مهام المناولة الصناعية والخدمات الطبية. وتبرز هذه الفعاليات كفرصة لاختبار قدرات الروبوتات في بيئات مختلفة، تمهيدًا لاعتمادها في الحياة اليومية.
الروبوت T1 وميدالية تاريخية في البرازيل
الروبوت “T1” ورفيقاه ضمن فريق “هيفايستوس” التابع لجامعة تسينغهوا، حققوا إنجازًا تاريخيًا الشهر الماضي، بعد فوزهم بالميدالية الذهبية في فئة “الروبوتات المجسدة بحجم البالغين” ضمن بطولة RoboCup العالمية بالبرازيل، والتي انطلقت قبل 28 عامًا.
الحكومة الصينية تدفع بعجلة الابتكار
يؤكد تشاو مينغقوه، كبير العلماء في شركة Booster Robotics المصنعة للروبوت T1، أن الحكومة الصينية تلعب دورًا محوريًا في دفع عجلة تطوير الروبوتات المجسدة. ويشير إلى أن بكين لا تكتفي بالتمويل والدعم البحثي فقط، بل تنظم أيضًا فعاليات تنافسية تهدف إلى تسريع الابتكار. ومن هذا المنطلق، تُعد دورة الألعاب العالمية للروبوتات المجسدة مثالًا عمليًا على هذا التوجه الاستراتيجي، الذي يعكس رغبة الصين في تصدر مشهد التكنولوجيا عالميًا.
كرة القدم كمنصة لاختبار التقنيات الذكية
ورغم أن الروبوتات ما زالت غير قادرة على مجاراة حتى الفرق البشرية الناشئة، إلا أن خبراء الصناعة يرون في كرة القدم ميدانًا مثاليًا لاختبار قدراتها. فمن ناحية، توفر اللعبة سيناريوهات معقدة تساعد على تقييم تقنيات الإدراك الحسي. ومن ناحية أخرى، تُعد بيئة غنية لاختبار سرعة اتخاذ القرار في الوقت الحقيقي. علاوة على ذلك، تمثل تحركات الكرة واللاعبين تحديًا فعليًا لتقنيات التحكم الحركي المتقدمة، مما يجعلها منصة فعالة لتطوير الروبوتات نحو استخدامات أكثر واقعية.
التحديات لا تزال قائمة
ومع كل هذا التقدم، لا تزال الروبوتات المجسدة تواجه تحديات تقنية حقيقية. فعلى سبيل المثال، يعتمد أداؤها بشكل كبير على جودة أرضية الملعب، مما قد يؤثر سلبًا على ثباتها وحركتها. إضافة إلى ذلك، تشكل الانحدارات الطفيفة في الأرض عائقًا أمام الحفاظ على التوازن أثناء التنقل. كما أن البرمجيات المسؤولة عن التموضع والحركة تحتاج إلى تحسين مستمر، خاصة عند الانتقال من بيئة تدريبية إلى أرضية جديدة. ولذلك، ما زال أمام هذه التقنية طريق طويل قبل أن تصل إلى درجة الاعتمادية في المهام اليومية.
في النهاية، يؤكد المهندس تشن بنغهوي من فريق هيفايستوس أن الأداء يظل رهينًا بالعوامل البيئية، مشيرًا إلى أن انتقال الفرق إلى ملاعب جديدة كثيرًا ما يثير الانتقادات، حتى في كرة القدم البشرية.