في خطوة مثيرة للجدل، تدرس الحكومة الإسرائيلية إصدار قرار رسمي بالسيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة، في ظل تصاعد الضغوط الدولية المطالبة بوقف إطلاق النار وتحسين الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع المحاصر.
نتنياهو يميل إلى التصعيد العسكري الشامل
وفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، أبرزها قناة “كان 12″، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يفكر بجدية في توسيع العملية العسكرية لتشمل السيطرة الكاملة على غزة، بعد 22 شهرًا من الحرب المستمرة ضد حركة حماس. وقد أكد مصدر رسمي لرويترز أن “الخيار العسكري الكامل مطروح على الطاولة”، خاصة بعد فشل المحادثات غير المباشرة مع حماس بشأن التهدئة.
عودة محتملة إلى ما قبل انسحاب 2005
الاستيلاء الكامل سيُعيد إسرائيل إلى ما قبل قرار الانسحاب من غزة عام 2005، والذي تم خلاله تفكيك المستوطنات وسحب القوات العسكرية من القطاع، مع الحفاظ على السيطرة على الحدود. وتعتبر الأحزاب اليمينية هذا القرار سببًا رئيسيًا في صعود حماس إلى السلطة. لكن يبقى الغموض قائمًا حول ما إذا كانت هذه السيطرة ستكون احتلالًا طويل الأمد أم عملية عسكرية قصيرة تهدف لتفكيك حماس وتحرير الرهائن.
تحفظات داخل المؤسسة العسكرية
الجيش الإسرائيلي عبر مرارًا عن تحفظه تجاه فكرة السيطرة الكاملة على غزة، لما لذلك من تبعات على المدى الطويل، بما في ذلك تحديات الحكم العسكري والإدارة اليومية. كما يواجه الجيش ضغوطًا لوجستية متزايدة نتيجة طول أمد الحرب واستدعاء الاحتياط بشكل متكرر.
السياق السياسي والضغط الدولي
تُعتبر الحكومة الحالية من أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ إسرائيل، وتضم وزراء يؤيدون ضم غزة والضفة الغربية بالكامل، ويدعون إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم. في المقابل، أدت الحرب إلى غضب دولي متزايد، حيث أعلنت دول أوروبية نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال عدم التوصل إلى هدنة خلال الأسابيع المقبلة.
توغل جديد في غزة وتصاعد الضحايا
في ساعات الصباح الأولى من يوم الثلاثاء، توغلت دبابات إسرائيلية في مناطق وسط قطاع غزة، ما أثار حالة من الذعر بين السكان. ووفقًا لمصادر طبية محلية، أسفر القصف والاشتباكات عن مقتل ما لا يقل عن 13 فلسطينيًا، من بينهم خمسة أشخاص كانوا داخل خيمة في خان يونس، وثلاثة آخرون أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات قرب مدينة رفح جنوبًا.
وفي ظل استمرار الغارات، أبدى سكان المناطق التي لا تزال خارج نطاق التوغل البري الإسرائيلي مخاوفهم من اجتياح وشيك. وقال أحد سكان غزة، ويدعى أبو جهاد: “إذا دخلت الدبابات، فإلى أين سنذهب؟ إلى البحر؟ هذا سيكون حكمًا بالموت على الجميع”.
مفاوضات متعثرة وتهديدات متبادلة
من المرجح أن يكون التهديد الإسرائيلي بالاستيلاء الكامل على غزة جزءًا من استراتيجية تهدف إلى الضغط على حركة حماس، في ظل تعثر المفاوضات الجارية. وفي هذا السياق، أشار مسؤول فلسطيني مطلع على سير المحادثات إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تعقيد الوضع أكثر. وأكد أن الفصائل الفلسطينية لن تقبل بأي حل لا يتضمن وقفًا شاملًا للحرب وانسحابًا كاملًا للقوات الإسرائيلية من القطاع.
في هذا السياق، أعلنت إسرائيل أنها سمحت بإدخال بعض الشاحنات التجارية التي تحمل سلعًا مثل الشوكولاتة والبسكويت، وسط آمال بأن تشمل الشحنات القادمة موادًا أساسية مثل حليب الأطفال واللحوم الطازجة والفواكه والسكر والأرز.
جهود دولية لإنهاء الحرب
قال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الأسبوع الماضي، إنه يعمل مع الحكومة الإسرائيلية على خطة لإنهاء الحرب. لكن في الوقت ذاته، تناقش تل أبيب مقترحات لتوسيع العمليات وضم أجزاء من غزة. و كانت قد فشلت المحادثات التي أجريت في الدوحة في تحقيق اتفاق حول هدنة مدتها 60 يومًا، كانت ستشمل إدخال المساعدات وإطلاق نصف الرهائن مقابل أسرى فلسطينيين.
سيناريوهات عسكرية جديدة
من المتوقع أن يقدم الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، بدائل عسكرية تشمل التوغل في مناطق لم تخضع بعد لسيطرته، وفقًا لمصادر في وزارة الدفاع.
في خضم تصاعد العمليات العسكرية وتزايد الضغوط السياسية، تقف غزة على مفترق طرق خطير قد يعيد تشكيل مستقبلها لعقود مقبلة. وبينما تواصل إسرائيل بحث سيناريو الاستيلاء الكامل على القطاع، تتعمق الأزمة الإنسانية وتزداد معاناة السكان. في المقابل، تتمسك الفصائل الفلسطينية بمطالبها الأساسية، ما ينذر بجولة جديدة من التصعيد ما لم يعاد إحياء المسار الدبلوماسي. وبين التحركات الميدانية والتجاذبات الدولية، يظل مصير أكثر من مليوني فلسطيني في مهب القرارات السياسية والعسكرية.