في تطور دبلوماسي مفاجئ، التقى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين يوم الأربعاء، وذلك قبل يومين فقط من انقضاء المهلة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لروسيا من أجل الموافقة على اتفاق سلام في أوكرانيا أو مواجهة موجة جديدة من العقوبات الاقتصادية.
وصل ويتكوف إلى موسكو في مهمة طارئة على أمل التوصل إلى تسوية توقف الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف. اللقاء أظهر جدية واشنطن في الضغط من أجل إحراز تقدم، خاصة مع تصاعد الانتقادات لنهج روسيا في الحرب.
تهديدات ترامب وتصعيد الضغوط
أعرب ترامب عن إحباطه المتزايد من بطء التحرك الروسي نحو وقف إطلاق النار، وهدد بفرض رسوم جمركية مشددة على الدول التي تواصل شراء الصادرات الروسية، خاصة النفط. وتُعد الهند من أبرز هذه الدول، إلى جانب الصين، وهو ما أثار توترًا دوليًا واسعًا. ومن جانبها، وصفت موسكو التهديدات الأميركية بأنها “غير قانونية” وتنتهك قواعد التجارة الدولية.
خيارات الكرملين: وقف الضربات الجوية؟
بحسب تقارير صحفية من بلومبيرج وموقع The Bell الروسي، قد تطرح موسكو فكرة فرض هدنة جوية مؤقتة بين روسيا وأوكرانيا، وهو اقتراح كان قد أشار إليه الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الأسبوع الماضي. ورغم أن هذه الخطوة تظل بعيدة عن مطلب وقف إطلاق النار الشامل الذي تطالب به كييف وواشنطن، إلا أنها قد تُعد بوادر تهدئة أولية.
التصعيد العسكري لا يتوقف
منذ استئناف المحادثات المباشرة في مايو، كثفت روسيا من ضرباتها الجوية، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 72 شخصًا في العاصمة الأوكرانية كييف وحدها. وعلق ترامب مؤخرًا على هذه الهجمات بوصفها “مقززة”. في المقابل، واصلت أوكرانيا شن هجمات على مصافي النفط والمخازن الروسية. وأكد أندري يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أن “وقف الحرب يتطلب وقفًا كاملًا لإطلاق النار، وقمة تجمع القادة”. وأوضح أن الكرة الآن في ملعب روسيا.
رؤية بوتين: لا تنازلات جوهرية
بحسب مصادر روسية تحدثت لـ”رويترز“، فإن بوتين لا ينوي التراجع أمام ضغوط ترامب، ويؤمن بأن الأهداف العسكرية الروسية أهم من تحسين العلاقات مع الغرب. كما قال محلل السياسة الخارجية النمساوي، غيرهارد مانغوت، إن زيارة ويتكوف تمثل “محاولة أخيرة لإيجاد مخرج دبلوماسي يحفظ ماء الوجه للطرفين”، لكنه لا يتوقع حدوث “تسوية حقيقية”.
شروط موسكو ورفض كييف
تتمسك روسيا بعدة شروط أساسية للتوصل إلى سلام. من أبرز هذه الشروط، مطالبتها بضمان قانوني يمنع توسّع حلف الناتو نحو الشرق. كما تطالب بأن تلتزم أوكرانيا بالحياد العسكري والسياسي، وهو مطلب تكرره موسكو منذ بداية النزاع. بالإضافة إلى ذلك، تشدد روسيا على ضرورة توفير حماية كاملة للناطقين باللغة الروسية داخل أوكرانيا. وأخيرًا، تصر على الاعتراف الرسمي بالمكاسب الإقليمية التي حققتها خلال الحرب، وهي نقطة ترفضها كييف بشدة حتى الآن. لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يؤكد أن بلاده لن تعترف أبدًا بهذه المطالب، ويصر على حق أوكرانيا في الانضمام إلى الناتو مستقبلاً.
ويتكوف: رجل أعمال في مهمة معقدة
من الجدير بالذكر أن ويتكوف، وهو ملياردير في قطاع العقارات، لا يملك خلفية دبلوماسية، وانضم إلى فريق ترامب مطلع العام الجاري. وقد كلف بمهمات متعددة تشمل ملفات أوكرانيا، غزة، والبرنامج النووي الإيراني.
وقد وُجهت له انتقادات بسبب افتقاره إلى الخبرة السياسية، ولتصريحاته السابقة التي خفف فيها من أهمية التهديد الروسي. ففي مقابلة مع تاكر كارلسون، وصف فكرة اجتياح روسيا لأوروبا بأنها “سخيفة”، وهو ما أثار استياء كييف وحلفائها.
هل تنجح الوساطة قبل انتهاء المهلة؟
مع اقتراب موعد العقوبات الجديدة، يظل السؤال مفتوحًا: هل تنجح زيارة ويتكوف في منع التصعيد أم أن بوتين سيواصل تجاهل الضغوط الغربية؟ في ظل تصلب المواقف، تبدو فرص النجاح ضئيلة، لكن الوقت لم ينفد بعد.