أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام الرسمية يوم الأربعاء أن بلاده لا يمكنها قطع التعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، موضحًا أن وجود المفتشين يظل ضروريًا لمتابعة القضايا النووية. وأضاف أن طهران ستواصل العمل مع الوكالة، رغم القيود التي فرضها البرلمان مؤخرًا على عمليات التفتيش.
القانون الجديد الذي أقره البرلمان الإيراني في يوليو ينص على تعليق التعاون المباشر مع الوكالة، ويشترط الحصول على موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي قبل السماح بأي عمليات تفتيش مستقبلية في المواقع النووية.
خلفية التوتر مع الوكالة
يأتي هذا الموقف بعد اتهام إيران للوكالة الدولية بأنها مهدت الطريق للهجمات الإسرائيلية والأميركية التي استهدفت منشآتها النووية خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا في يونيو الماضي. فقد أدى تقرير أصدرته الوكالة في 31 مايو إلى إعلان مجلس المحافظين أن إيران خرقت التزاماتها بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي، وهو ما سبب غضب طهران.
منذ تلك الضربات العسكرية، لم يتمكن مفتشو الوكالة من دخول المنشآت النووية الإيرانية، على الرغم من دعوات المدير العام رافائيل غروسي للتأكيد على أن عمليات التفتيش ضرورية لضمان الشفافية.
محادثات تقنية مع الوكالة
أوضح عراقجي أن الحوار مع الوكالة سيستمر، وأن جولة جديدة من المفاوضات قد تُعقد خلال الأيام المقبلة، وفق ما ذكره متحدث باسم الخارجية الإيرانية. كما تستعد طهران لاستقبال مسؤول رفيع من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في زيارة رسمية، ستكون الأولى منذ الهجمات الأخيرة، لكن من دون السماح له بدخول المواقع النووية.
الجانب الإيراني وصف هذه المفاوضات بأنها ستكون “فنية ومعقدة”، وهو ما يعكس استمرار الخلافات الجوهرية حول آليات التفتيش والرقابة.
الموقف من المفاوضات مع واشنطن
وفي ما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، قال وزير الخارجية الإيراني إن استئناف المحادثات مع واشنطن يحتاج إلى “النضوج”. وكانت الجولة السادسة من المفاوضات بين الطرفين قد توقفت بعد الضربات العسكرية الإسرائيلية والأميركية في يونيو، ولم يحدد بعد موعد جديد لاستئنافها.
ضغوط أوروبية وتحذيرات من العقوبات
إلى جانب المفاوضات التقنية، تواجه إيران ضغوطًا متزايدة من الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا)، التي حذّرت من إعادة فرض العقوبات الأممية من خلال آلية “سناب باك” إذا لم تستأنف طهران تعاونها الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل نهاية أغسطس 2025. هذه الآلية تسمح بإعادة تفعيل العقوبات السابقة بشكل تلقائي في حال اعتُبرت إيران غير ملتزمة ببنود الاتفاق النووي.
في النهاية، تحاول إيران الموازنة بين الإبقاء على قنوات التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتجنب العزلة الدبلوماسية، وبين التشدد الداخلي الذي يطالب بتقييد عمليات التفتيش رداً على الهجمات العسكرية الأخيرة. في المقابل، يزداد الضغط الدولي، خاصة الأوروبي، مع التلويح بخيار العقوبات إذا لم تظهر طهران مرونة أكبر خلال الأسابيع المقبلة.