أعلنت إسرائيل، يوم الثلاثاء، عن بدء تعبئة عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لتوسيع عمليتها العسكرية في مدينة غزة. القرار يأتي في وقت يثير معارضة داخلية واسعة وانتقادات دولية متزايدة مع دخول الحرب عامها الثالث.
وقد أوضح الجيش الإسرائيلي أن الاستدعاء سيشمل نحو 60 ألف جندي احتياط على مراحل، بالإضافة إلى تمديد خدمة 20 ألف جندي آخرين على رأس عملهم. وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن نحو 40 ألف جندي بدأوا فعلياً الانضمام للخدمة، وسط خلافات داخلية بين القيادة العسكرية والحكومة بشأن وتيرة التقدم العسكري.
توتر داخلي بين القيادة السياسية والعسكرية
شهدت إسرائيل خلافاً علنياً بين وزير الدفاع وقائد الأركان؛ حيث يضغط الأول لتسريع الهجوم البري على غزة، بينما يحذر الثاني من أن التسرع قد يفاقم أزمة الرهائن ويستنزف الموارد العسكرية. هذا التباين يعكس انقساماً واضحاً في إدارة الحرب وتداعياتها السياسية والإنسانية.
تطورات ميدانية في غزة
تزامن استدعاء الاحتياط مع تصعيد بري وجوي في شمال ووسط غزة، حيث بدأت دبابات الجيش الإسرائيلي التوغل بشكل أعمق في مدينة غزة، مستهدفة أحياء مثل الشيخ رضوان، ما أجبر آلاف العائلات على النزوح مجدداً. يأتي ذلك بالتزامن مع استمرار الغارات على أحياء الزيتون والشجاعية، التي وصفها الجيش بأنها “مناطق قتال خطرة”.
حي الزيتون، الذي كان الأكبر في غزة ويمتاز بأسواقه ومدارسه وعياداته، بات شبه خالٍ من السكان بعد تدمير مساحات واسعة منه خلال الأسابيع الماضية.
غزة تحت الحصار والمجاعة
تعتبر مدينة غزة المعقل السياسي والعسكري لحركة حماس، وبحسب إسرائيل ما تزال تضم شبكة أنفاق واسعة رغم الهجمات المتكررة. في المقابل، يعيش مئات الآلاف من المدنيين في هذه المنطقة وسط تهديد مزدوج من القتال والمجاعة.
تقرير صادر عن الجهات الدولية المعنية بالأمن الغذائي أكد الشهر الماضي أن المدينة دخلت مرحلة المجاعة رسمياً، حيث سجلت وزارة الصحة في غزة وفاة 185 شخصاً بسبب سوء التغذية خلال أغسطس، وهو أعلى معدل منذ بداية الحرب. كما حذرت الأمم المتحدة من أن وقف إسرائيل لفترات التهدئة اليومية، التي كانت تسمح بمرور المساعدات، سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.
اتهامات دولية وتصاعد الانتقادات
منظمات حقوقية دولية، بينها الرابطة الدولية لخبراء الإبادة الجماعية، اتهمت إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” بحق المدنيين في غزة. في المقابل، رفضت إسرائيل هذه الاتهامات، بينما رأت منظمات إنسانية أن الأوضاع تتجاوز حدود الأزمة لتصل إلى مستوى كارثة جماعية.
على الصعيد الدولي، أعلنت بلجيكا نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وفرض عقوبات على إسرائيل، تشمل حظر منتجات المستوطنات ومنع التعاقدات العامة مع شركات إسرائيلية.
حصيلة الضحايا بعد 23 شهراً من الحرب
وزارة الصحة في غزة أعلنت أن 63,557 فلسطينياً قُتلوا منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، فيما أصيب أكثر من 160,660 شخصاً. وتشير البيانات إلى أن النساء والأطفال يشكلون نحو نصف الضحايا.
من جانبها، ترفض إسرائيل هذه الإحصاءات دون تقديم أرقام بديلة، بينما تعتبرها الأمم المتحدة وعدد من الخبراء المستقلين الأكثر موثوقية.
مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، يتصاعد المشهد بين التصعيد الميداني واستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط من جهة، وبين التدهور الإنساني والمجاعة التي تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين من جهة أخرى. وبينما تنقسم القيادة الإسرائيلية حول إدارة المعركة، تتزايد الضغوط الدولية والتحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة قد تتجاوز حدود غزة لتترك آثاراً سياسية وأمنية عميقة في المنطقة بأسرها.